ربما يصاحب عودة بعض الموظفين من إجازاتهم السنوية الممتدة حالات من الكسل، أو التوتر، والتي ربما تصل في بعض الأحيان إلى حد الاكتئاب، وربما في أحيان نادرة قد تصل إلى حافة الهاوية والتفكير في الاستقالة. كل هذا هو ما تناوله-باستفاضة-الخبراء والباحثون في مجال الإدارة ويعرف بما يسمى "صدمة" أو "نوبة" العودة إلى العمل عقب انتهاء الإجازات، ولا سيما السنوية التي تمتد لمدة طويلة، وهي العودة التي تتزامن-سنويًا-مع حلول شهر أغسطس (الحالي). فقد ركزوا على أعراضها، وتقديم النصائح لتجاوز عواقبها، وذلك على النحو التالي.
الصدمة والعودة التدريجية
- التغلب على صدمة العودة إلى العمل:
يقول "ديفيد بالارد" الحاصل على ماجستير إدارة الأعمال والذي يرأس مركز "إيه بي إيه" APA للتمييز المؤسسي-بحسب موقع الجزيرة-إنه في استطلاع رأي حول أهمية الإجازة، أفاد حوالي 42% من المشاركين في الاستطلاع إنهم يخشون العودة إلى العمل. وهو الأمر الذي يُعرف بـ"صدمة العودة من الإجازة إلى العمل".
- العودة التدريجية لأداء المهام الوظيفية:
وحتى يمكن تخفيف حدة هذه الصدمة، أو تلاشيها؛ من المهم أن نمنح أنفسنا وقتًا بين الإجازة والعودة إلى العمل؛ إذ يتيح هذا الوقت الاسترخاء واستعادة مزاج العمل تدريجيا بدلًا من العودة إلى العمل مباشرة، وبحيث تصبح هذه العودة آمنة، وبلا تضارب أو عواقب سلبية، ويصبح هناك توازن لدى الموظفين بين التمتع بإيجابيات الإجازة وممارسة هذه المهام بشكل تدريجي. فمن بين هذه الإيجابيات التي تنعكس بشكل فعال على العودة للعمل، والتي أبرزتها مؤشرات الاستطلاع المشار إليه، أن حوالي 68% يكون مزاجهم أكثر إيجابية، وحوالي 57% يكون لديهم طاقة وحافز أكبر للعمل، وحوالي 58% أفادوا بأنهم يصبحون أكثر إنتاجية بعد الإجازة.
المسامية والاكتئاب
تؤدي العودة التدريجية إلى العمل إلى خفض كثافة العودة إلى مواجهة أعباء وضغوط العمل وأداء المهام الوظيفية، ومنع زيادة عبء العمل المتوقع من الموظف، وهو ما يعرف بالمسامية في يوم العمل، أي النسبة بين وقت العمل ووقت الفراغ التي تقل لصالح وقت العمل، مما يتسبب في ضياع فوائد الإجازة والغرق في إدارة المهام المطلوبة، حيث يمكن أن تكون فوائد الإجازة عابرة ما لم تعالج العوامل التنظيمية التي تسبب التوتر وتعزز الإجهاد المستمر لدى الموظفين.
اكتئاب ما بعد الإجازة:
ويمكن أن تنعكس العودة من الإجازة إلى العمل من خلال تداعيات أكثر حدة، قد تصل إلى الميل للاستقالة. فقد أجرت مجلة "Visire"-المتخصصة في شؤون العمل والإدارة-استطلاعًا أظهرت نتائجه أن بعض الموظفين يميلون إلى الاستقالة خاصة بعد فترة الإجازة، حيث اعترف 20% من المشاركين بأنهم استقالوا بالفعل بعد عودتهم من الإجازة، وما يقرب من 44% فكروا في الاستقالة.
وهذا النوع من الاكتئاب معروف بمتلازمة ما بعد العطلة أو ما بعد السفر (PTD)-طبقًا لما أوردته موسوعة "ويكيبديا"-حيث يعاني الشخص من اكتئاب ما بعد عودته إلى المنزل أو إلى روتينه الطبيعي بعد العودة من إجازة طويلة، خاصة إذا كانت ممتعة.
وقد أشارت صحيفة "يلي ميرور" البريطانية إلى أن 57% من المسافرين البريطانيين يعانون من كآبة ما بعد العطلة. وذكرت صحيفة "أ بي ثي" الإسبانية أن المعدل الطبيعي لمتلازمة اكتئاب ما بعد العطلة لا ينبغي أن يتجاوز 15 يومًا؛ لأنه إذا استمر لأكثر من أسبوعين فيمكن أن يدل ذلك على أن هناك خطبًا في بيئة العمل، بشكل يؤثر على الشخص أكثر من إجهاد ما بعد العطلة.
لذلك ينصح الخبراء بتخصيص يوم فاصل بين العودة من الإجازة والذهاب للعمل؛ والذي من فوائده تهيئة مثل هؤلاء الموظفين بشكل أكثر إيجابية للعودة لأعمالهم بنجاح دون عواقب غير محمودة. كما ينصحون بممارسة الرياضة، والنوم والاستيقاظ بانتظام وتقليل السهر مع قرب انتهاء الإجازات.
"وضع الشبح" والتواصل
وتوجه مجلة "Top Resume" نصيحتها إلى هؤلاء الموظفين الذين يكونون عرضةً للإصابة باكتئاب ما بعد العودة من الإجازة إلى العمل، وهي تفعيل "وضع الشبح"، والذي من خلاله يكتفي الموظفون بإعلام مديريهم فقط ومرؤوسيهم بعودتهم؛ للتخفيف من ضغوط العمل التي ربما يتعرضون لها عند علم باقي الإدارات بعودتهم لممارسة أداء مهامهم الوظيفية، والاكتفاء بمهامهم الفورية دون ضغط مؤثرات إضافية.