مجاورة" الرئيس التنفيذي الدنماركي


"مجاورة" الرئيس التنفيذي الدنماركي"

د. تركي بن علي آل رشيد

رئيس التحرير

مدير عام الاتصال المؤسسي

 

على متن رحلة جوية عائدة للرياض بعد نهاية إحدى الإجازات؛ كان المقعد المجاور لمقعدي في الطائرة لرئيس تنفيذي إحدى الشركات السعودية الكبرى، التي أنشئت مؤخراً، وهو من الجنسية الدنماركية. كانت روحه جميلة ومرحة، وكان سعيداً بشكل ملحوظ.

بدأنا الحديث، وكشف لي أن هذا الأسبوع الذي التقيته فيه هو أول أسبوع عمل له بعد تعيينه رئيساً تنفيذياً لشركة سعودية كبرى، تم تأسيسها لتكون شريكاً في تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030. وكان بالمصادفة كذلك هو أول أسبوع عمل لي مديراً عاماً لإدارة الاتصال المؤسسي بمعهد الإدارة العامة. كان يتضح من ثنايا حديث هذا الرجل أنه اداري خبير ومتمرس في شؤون المنظمات ومنسوبيها. أوضح لي أنه كان يترأس شركة دنماركية بحرية ضخمة، وكان تحت إداراته قرابة 5000 موظف وموظفة.

أردت انتهاز الفرصة والاستفادة من خبراته؛ كوني للتو قد تم تكليفي مديراً عاماً لإدارة تعتبر من الإدارات المهمة في معهد الإدارة العامة، وهي كذلك في أي منظمة. وسألته سؤالا بناءً على تجاربه الطويلة في المجال المهني: ماهي أهم النصائح التي من الممكن أن تقدمها لي في مجال عملي الذي تم تكليفي به.

كانت نصائحه متنوعة ومهمة، وسأسردها بعد قليل. حاولت تلخيص توصياته ونصائحه، وقد وجدت أغلبها تتمحور حول المهارات الناعمة التي تشير إلى السمات الشخصية التي تسهم في التفاعل مع الآخرين بفعالية وأداء المهام المطلوبة على نحو أفضل، كالتواصل الفعال، والعمل الجماعي، والذكاء العاطفي، والتفكير الناقد، واتخاذ القرارات، والقدرة على حل المشكلات، والتخطيط، وغيرها، هذه المهارات التي أثبتت دراسة أجرتها جامعة "Harvard" أن 85% من النجاح في أي وظيفة يعتمد على المهارات الناعمة، مقابل 15% على المهارات التقنية، كالمؤهلات، والخبرة، ووفقًا لدراسة أجرتها شركة "Leadership IQ" على 20 ألف موظف جديد، خلصت نتائجها إلى أنه لم يستطع 46% منهم استكمال العمل خلال 18 شهرًا، واللافت للنظر أن 89% من حالات فشل هؤلاء الموظفين بسبب ضعف المهارات الناعمة لديهم، بينما 11% فقط نتيجة لنقص المهارات الفنية وغيرها.

لم يوصني هذا الخبير المتمرس كثيراً بأمور مهنية رغم أهميتها العالية، لكنه استهلها بالتعاملات الإنسانية، والتي-كما أعتقد-أنها مفتاح النجاح المهني، ثم تلحقها الإمكانيات الأخرى. وقد تحددت نصائحه لي في التالي:

- لا تتغير، كُن كما أنت.

- لا تتظاهر بالقوة؛ فالناس تُفضل التعامل الإنساني.

- استمع لآراء زملائك؛ لأنهم شركاء النجاح.

- وفر الدعم لزملائك في الإدارة وحمايتهم من تبعات الأخطاء غير المقصودة وغير المتوقعة؛ سيُقدِّرون ذلك كثيراً.

- تعلم من الأخطاء؛ لأن الأهم أن تستفيد منها وألا تقع فيها مرةً أخرى.

- أجعل من زملائك شركاء في اتخاذ القرار؛ فهذا سيزيدهم ثقة ويقودك لمشاركة العقول للوصول للنجاح.

ثم ختم بنصيحة إدارية، حتى لا يتغافل دور العملية الإدارية في السير للنجاح، إذ ركز على أهمية التفويض، خصوصًا لمن هم كفؤ لذلك؛ فالكفاءات هم من يعجلون بالإدارة لتحقيق أهدافها وتحقيق ما هو أكثر من ذلك.

لم يكد ينتهي من حديثه الشيق وتجاربه حتى انتهت الرحلة، ثم مضى.

​ 

19/10/1445
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة