إعداد/ د.أحمد زكريا أحمد
يحلم كل الموظفين بالترقيات التي تلبي طموحاتهم وتداعب أحلامهم؛ لما لها من إيجابيات كثيرة في حياتهم الوظيفية، والأسرية، والاجتماعية، فهي تعني بالنسبة لهم ازدياد قوة مكانتهم الوظيفية، ومكانتهم الاجتماعية، فضلًا عن بريق السلطات التي تمنحها لذويها بين أقرانه، بالإضافة إلى زيادة المقابل المادي لهذه الترقيات. وبالنسبة للمؤسسات، فالترقيات تعد من أهم وسائل تحفيز الموظفين وزيادة ولائهم ونشاطهم في العمل، وما لذلك كله من مردود إيجابي في تنافسيتها وأدائها وزيادة أرباحها وغيرها من الإيجابيات. إلا أن الوجه المفزع لهذه الترقيات يكمن في سلبياتها والانتقادات الموجهة إليها، والتي تعد بمثابة مخاطر، قد تتفاقم وتصبح جسيمة تهدد كلًا من الموظفين والمنظمات على السواء، وهو ما نتناوله في هذا التقرير، فتابعوا التفاصيل.
19 نوعًا من السلبيات
نستهل الحديث عن مخاطر الترقيات وسلبياتها-بشكل عام-عبر موقع GOBankingRates الذي يجمل ويحدد 19 نوعًا من بين هذه السلبيات التي تعد بمثابة مخاطر، وذلك على النحو التالي:
1- يمكن أن تقيدك الترقية في مسار وظيفي غير مكتمل: فقد ذكر «دان موري» رئيس شركة Employment Solutions، أنه من الضروري التفكير بجدية فيما إذا كانت الترقية ستقربك من أهدافك المهنية أم لا.
2- ربما تتسبب في اختلال التوازن بين العمل والحياة: إن الترقية في العمل-غالبًا-ما تؤدي إلى العمل لفترة أطول وبجهد أكبر مما هو قبل الحصول عليها. وفي هذا السياق تقول «إليزابيث بيرسون» المدربة المهنية التنفيذية: «إذا كان لديك حاليًا وظيفة تسمح لك بالتوقف عن العمل بعد الساعة 6 مساءً، ولديك وقت شخصي متواصل في عطلات نهاية الأسبوع وتشعر بالأمان المالي، فقد تكون الترقية أسوأ شيء يمكن أن يحدث لك».
3- يمكن أن ينتج عن الترقيات المزيد من الشعور بالتوتر والتعب والقلق: إن تحمُّل المزيد من المسؤولية والعمل لساعات أطول قد يعني الشعور بمزيد من التوتر والنوم لساعات قليلة.
4- تغيير في طبيعة وأنماط العلاقات المهنية: أثناء صعودك السلم الوظيفي، سيتغير رؤسائك ومرؤوسيك. فربما لا يعجبك مديرك الجديد، أو قد تشعر بعدم الارتياح بشأن وجود مرؤوسين مباشرين كانوا في نفس مستواك في السابق.
5- تتسبب في وجود نوع من الغيرة المهنية: سواء بينك وبين زملائك الذين كانوا في مثل مستواك الوظيفي، أو غيرهم.
الغيرة والسفر والانتقال
6- قد ينتج عن الترقيات في العمل وجود نوع من الغيرة على المستوى الاجتماعي خارج نطاق ومكان العمل: وذلك على مستوى الأصدقاء أو الأقارب، وأحيانًا من الزوج أو الزوجة، إن كان أحدهما يعمل، ولا سيما في مكان عمل واحد.
7- ربما تفرض الترقيات على ذويها السفر بحكم المهام الوظيفية الجديدة الأعلى والأكثر عبئًا: وهو الأمر الذي لم تكن تضطر إليه أو مفروضًا عليك قبل الترقية، ولذلك ستتحمل نوعين من الأعباء: أولهما السفر، والثاني العمل خلال السفر.
8- الانتقال من مكان لمكان آخر (جغرافيًا)، والانتقال من مكتبك الذي اعتدت عليه قبل ترقيتك وربما ارتبطت به نفسيًا إلى مكتب جديد، ربما أنت بحاجة لمزيد من الوقت للتكيف عليه، وربما لا تستسيغه.
9- انخفاض الرضا الوظيفي: فقد ذكر د.فينس ريباسي أحد كبار المدربين في شركة التطوير المهني LOVR Atlantic، أنه شهد بشكل شائع فقدان الرضا الوظيفي عندما تؤدي الترقية إلى تقلد بعضهم مهام وظيفية إدارية، خاصة إن كانوا يمارسون قبل الترقية مهامًا وأدوارًا فنية، أو إبداعية.
المحتال والشك والذنب
10- ربما تؤجج الترقية الجديدة لديك وساوس في قدراتك: إذ إن المهام الوظيفية للترقية الجديدة أو المنصب الجديد ربما يحتاج إلى مهارات لا تتقنها أو لم تتقنها بعد، وهو الأمر المهم الذي تشير إليه «ليزا بارينجتون» المؤسِسة والمديرة في شركة Barrington Coaching؛ مما قد يتسبب في حدوث نوع من المفاجأة أو الصدمة، وربما تكون الترقية في هذه الحالة بمثابة الأمر المزعج أو المحزن أو المنهك.
11- أحيانًا تتسبب الترقيات في شعور بعض الموظفين بالذنب: فقد قال «كريس تشانسي» الخبير المهني ومسؤول التوظيف المحترف ومالك شركة Amplio Recruiting: «يحدث هذا بشكل خاص عندما تتم ترقية شخص ما فجأة دون أي أساس أو مسار واضح يؤدي إلى التقدم، خاصة في الشركات الصغيرة التي تفتقر للموارد البشرية ذات الكفاءة».
12- الترقيات تضع أصحابها في دائرة الضوء والمزيد من التدقيق والمراقبة؛ مما يتسبب في مزيد من الضغوط عيهم.
13- الإصابة بمتلازمة المحتال: الترقية ربما تتسبب لذويها في الشعور بعدم الأمان والقلق، خاصة في ظل وجود مهام وظيفية جديدة لم يعتادوا عليها من قبل، وهنا ربما يشعر بعضهم بأنه قد يفشل في أداء هذه المهام.
14- أحيانًا ينظر البعض إلى الترقيات باعتبارها غير مجزية ماليًا: إذ أنهم-أحيانًا-يرون أنفسهم يؤدون مهامًا أكثر وأكبر ولكن المقابل المالي لها هزيل أو غير مجزٍ أو بلا مقابل، وأحيانًا أخرى انخفاض في إجمالي هذا المقابل المادي أو الراتب، كأن تتم ترقية موظف كان يعمل بنظام العمولات بجانب الراتب إلى النظام القائم على الراتب فقط.
الفشل والإجازات
15- في حالات قليلة، قد تتسبب الترقيات في فشل أو إنهاء خدمة ذويها: فهي تفرض عليهم الالتزام بمعايير أعلى من التوقعات والمخاطر؛ مما ينتج عنها-لدى بعضهم-عدم القدرة على التعامل معها؛ وبالتالي يصابون بالفشل في حالات معينة، ويضطرون لإنهاء خدمتهم في حالات قليلة.
16- معدلات دوران مرتفعة للمناصب الجديدة التي تتم الترقيات إليها: فعادة ما تتم هذه الترقيات لملء شواغر وظيفية أعلى لآخرين تركوها؛ مما يعد نذيرًا بأنها لا تحظى بدعم كبير.
17- ربما يعتري ذوي الترقيات نوع من خيبة الأمل: ولا سيما إذا لم يكونوا على علم تام بذوي المناصب الأعلى الذين يرفعون تقاريرهم إليهم.
18- الترقيات تؤثر سلبًا في حصول ذويها على الإجازات: فربما لن يُتاح لهم الوقت اللازم لذلك؛ بسبب أن الترقيات لمناصب جديدة أشبه ما تكون بوظائف جديدة، يرغبون في التعرف عليها والتأقلم معها، إلى حد كبير.
19- في كثير من المجتمعات والمؤسسات ينتج عن الترقيات وضع ذويها ضمن شريحة ضريبية أعلى، خاصة إذا كانت هذه الترقيات مصحوبة بزيادة في الراتب.
مخاطر الأقدمية
على جانب آخر، فبالرغم من الإيجابيات العديدة لنظام الترقيات القائم على أساس الأقدمية؛ إلا أن هناك العديد من الممارسين والأكاديميين والخبراء يكشفون عن العيوب والانتقادات التي تشوبه وتؤثر في العمل المهني، والتي يجملها موقع E3arabi في الآتي:
• انعدام الإبداع المهني لدى العديد من الموظفين الجدد؛ لأنهم لن يحصلوا على الترقية بسبب الاجتهاد والعمل المهني المميز.
• التسبب في انتقال العديد من الموظفين الذين يتميزون بالكفاءة المهنية والخبرة العالية إلى مؤسسات مهنية تقدرهم وتقوم بترقيتهم بالشكل المناسب.
• عدم تشجيع الموظفين المميزين بالتقدم لمثل هذه المؤسسات المهنية؛ لعدم تقدير جهود المميزين مهما كان الأمر.
• لا تعبر المدة الزمنية عن كفاءة الموظف وجدارته في إنجاز المهام المهنية الكبيرة والصعبة التي تتم في الإدارة المهنية.
اضطراب وأفكار قديمة
كذلك يتطرق موقع azcentral التابع لشبكة USA TODAY إلى أبرز سلبيات ومخاطر الترقيات داخل المؤسسات وبين موظفيها، وهي:
أولًا: التداعيات السلبية للمنافسة بين الموظفين: فعندما تتم ترقية أحدهم أو قلة منهم دون الآخرين، يمكن أن تؤدي المشاعر السيئة لدى من لم يحالفهم الحظ إلى أن يصبحوا فريسة لتحول المنافسة إلى صراع، ويصبحون في حالة عدم الرضا في العمل، وضعف أدائهم، ويسود الاستياء بين صفوفهم.
ثانيًا: الاضطراب داخل المؤسسة وبين الموظفين: فمن المربك للموظفين أن يكونوا أقرانًا في يوم ما، وفي منصب أعلى، أو مرؤوس في اليوم التالي.
ثالثًا: نفس الأفكار القديمة: وهذا الانتقاد يخص المؤسسات أو الشركات التي تطبق نظام الترقيات الداخلية؛ وفي هذه الحالة غالبًا ما يفتقر الموظفون الراسخون في الشركة إلى منظور جديد للأداء، وهو ما يمكن أن يتحقق في حالة استقطاب شخص خارجي لديه أفكار جديدة وطرق مختلفة للقيام بالأشياء.
رابعًا: محدودية المواهب والمهارات: وهذا الانتقاد يمثل خطورة على المؤسسات والشركات التي تطبق-أيضًا-نظام الترقيات الداخلية؛ حيث إن أصحاب العمل لديهم خيارات أقل ومحدودة، بينما الأمر مختلف عند تطبيق الاستقطاب الخارجي للترقيات، إذ يتم إتاحة الوظيفة أمام مجموعة أكبر من المتقدمين. بالإضافة إلى ذلك، قد لا يتمتع الموظفون الموجودون بالفعل في الشركة بالمهارات اللازمة لأداء وظيفة أعلى من مستواهم الحالي. وسيحتاجون إلى التدريب لإنجاز الوظيفة الجديدة، في حين أن المواهب الخارجية قد تمتلك بالفعل المهارات اللازمة.
مخاطر الكفاءة المهنية
وختامًا، ينظر خبراء ومتخصصون في الشأن الإداري إلى نظام الترقيات القائم على الكفاءة المهنية، حيث يرونه ليس مناسبًا لجميع الموظفين، وتكتنفه بعض السلبيات والمخاطر، سواء بالنسبة للموظفين أو لجهات عملهم، فهو يُنتقد-وفقًا لموقع E3arabi-من خلال ما يلي:
• يتسم بعدم الموضوعية؛ لأنه لا يقوم على معايير ومبادئ أساسية في العمل المهني.
• يعتمد هذا النظام على نمط دوران العمل المهني، أي من الممكن أن ينتقل الموظف أو يستقيل من مؤسسة مهنية تحتاجه إلى مؤسسة مهنية أخرى.