ثورة المعلومات والتكنولوجيا المالية FinTech ضمن رؤية المستقبل وطموح القيادة

​​التكنولوجيا المالية أو ما يُعرف بـ FinTech هي مصطلح يشير إلى استخدام التكنولوجيا في تحسين وتيسير الخدمات المالية والمصرفية، وهي أي تقنية أو تطبيق أو أفكار مبتكرة تهدف إلى دعم الأنشطة المالية. كذلك يمكن أن تكون بديلاً للخدمات المالية التقليدية. حيث إنها تقدم العديد من الخدمات، مثل: النقود الرقمية، وحلول الدفع الإلكتروني، والمحافظ الذكية، والعملات المشفرة، وتكنولوجيا البلوكشين، والاستثمار الذكي، والتأمين الإلكتروني، وغيرها. وتعتمد هذه المجالات على تقنيات حديثة مثل الذكاء الاصطناعي، والتعلم الآلي، والبيانات الضخمة، والحوسبة السحابية، وغيرها.

وقد شهدت المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة نموًا كبيرًا في هذا المجال، وذلك بفضل التحول الرقمي الذي دعمته الحكومة السعودية والذي ساعد على تعزيز الاقتصاد الرقمي في المملكة. حيث تشهد المملكة تحولاً رقمياً كبيراً في القطاع المالي، وذلك من خلال تطوير وتقديم العديد من التقنيات المالية الجديدة التي تهدف إلى تحسين تجربة المستخدم وتسهيل العمليات المالية. وتعتبر التكنولوجيا المالية «الفينتك»، من أهم المجالات التي تتطور بشكل سريع. وتعتبر المملكة العربية السعودية من أكبر الأسواق المالية في المنطقة، وتتمتع بنظام مالي متطور وقوي، ولكن مع تزايد استخدام التقنية في جميع جوانب الحياة، فإن قطاع الخدمات المالية أيضًا يتحول باستمرار إلى العالم الرقمي، حيث تتزايد الحاجة إلى الخدمات المالية الرقمية الآمنة والموثوقة. 
تسعى الحكومة السعودية إلى تعزيز الابتكار والتحول الرقمي في القطاع المالي من خلال تعزيز التكنولوجيا المالية (Fintech) والتي تشمل العديد من المبادرات والخدمات التي تعتمد على التكنولوجيا لتحسين الخدمات المالية في المملكة وتحقيق التنمية الاقتصادية. في سبيل ذلك، أطلقت الحكومة السعودية العديد من المبادرات والمشاريع لتعزيز الابتكار والتحول الرقمي في القطاع المالي، منها:
1- مركز الإبداع المالي (Fintech Saudi): فنتك السعودية هي مبادرة أطلقها البنك المركزي السعودي بالتعاون مع هيئة السوق المالية تحت مظلة برنامج تطوير القطاع المالي لدعم عملية تطوير قطاع التقنية المالية (فنتك) في المملكة العربية السعودية. يتمثل طموح فنتك السعودية في تحويل المملكة العربية السعودية إلى وجهة للابتكار في قطاع التقنية المالية تتميز بمنظومة مزدهرة ومسؤولة.  
2- «المختبر الرقمي»: (SDAIA) وهي مبادرة أطلقتها الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي وهي الجهة المختصة في المملكة بالبيانات والذكاء الاصطناعي وتشمل: البيانات الضخمة، وهي المرجع الوطني في كل ما يتعلق بهما من تنظيم وتطوير وتعامل، وهي صاحبة الاختصاص الأصيل في كل ما يتعلق بالتشغيل والأبحاث والابتكار في قطاع البيانات والذكاء الاصطناعي.  تسعى إلى تعزيز التعاون بين الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية والمؤسسات المالية التقليدية.
3- منصة «تبادل البيانات المالية»: والتي تعمل الهيئة العامة للإحصاء على تطويرها، تهدف إلى تسهيل تدفق البيانات المالية بين الجهات المختلفة في السوق المالية السعودية.
4- مشروع MIZA: وهو مشروع تابع لمصرف الراجحي، ويهدف إلى توفير خدمات التمويل الإسلامي عبر الإنترنت وبالتعاون مع الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية.
5- مشروع STC Pay: وهو مشروع تابع لشركة الاتصالات السعودية، ويقدم خدمات الدفع الإلكتروني وتحويل الأموال عبر الهاتف المحمول.
6-  تطبيق مدى: وهو تطبيق تابع لمؤسسة النقد العربي السعودي، ويعتبر منصة دفع إلكتروني متكاملة، حيث يمكن استخدامه للدفع في الفروع التجارية والمتاجر الإلكترونية.
وتعتبر هذه المبادرات جزءًا من استراتيجية الحكومة السعودية لدعم التكنولوجيا المالية وتحسين الخدمات المالية للمواطنين والمقيمين في المملكة.
وبجانب ذلك، تعمل العديد من الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية على تقديم حلول مبتكرة للمستهلكين في المملكة، مثل تطبيقات الدفع الإلكتروني ومنصات التمويل الجماعي والتحويلات الدولية بأسعار منخفضة.
علاوة على ذلك، تعمل العديد من المؤسسات المالية التقليدية في المملكة على استخدام التكنولوجيا المالية لتحسين خدماتها وتسهيل عمليات العملاء، مثل تقديم خدمات البنوك الرقمية والتطبيقات المصرفية الذكية التي تسمح بإجراء المعاملات المصرفية عبر الهاتف المحمول.
إنه وقت التحول الرقمي في المملكة، حيث أطلقت مبادرة «السعودية الرقمية» التي تهدف إلى تحويل البلاد إلى مجتمع رقمي متطور، وتعزيز تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في جميع جوانب الحياة، بما في ذلك قطاع الخدمات المالية.
وتعد المملكة العربية السعودية أيضًا من أوائل الدول التي اعتمدت التقنية البلوكتشين في القطاع المالي، حيث تم تطبيقها في العديد من المشاريع والمبادرات المالية، مما يساعد على زيادة الشفافية والأمان في المعاملات المالية.
التكنولوجيا المالية من القطاعات الحيوية التي تشهد تطورًا سريعًا، وتوفر فرصاً كبيرة للنمو والتوسع في السوق المحلي والعالمي. ويمكن للمستثمرين ورجال الأعمال الاستفادة من هذه الفرص الاستثمارية المتاحة، والتي تشمل مجموعة متنوعة من الشركات والمؤسسات التي تعمل في مجال التكنولوجيا المالية. حيث تعتبر المملكة بوابة استثمارية مهمة إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يوجد بها سوق مالي كبير ونشط يتمتع بالاستقرار والشفافية.
وبشكل عام، يمكن القول إن التكنولوجيا المالية في المملكة العربية السعودية تشهد تطورًا متسارعًا، حيث تعمل الحكومة والقطاع الخاص على تطوير حلول رقمية جديدة تلبي احتياجات المستهلكين والشركات والمؤسسات المالية، مما يساعد على تحسين تجربة المستخدم وتسهيل العمليات المالية، ويساهم في تعزيز الاقتصاد الرقمي وزيادة النمو الاقتصادي.
ويمكن القول أيضًا إن التكنولوجيا المالية في المملكة العربية السعودية تلعب دورًا مهمًا في تنمية الاقتصاد الرقمي، وتحقيق التنمية المستدامة والاستدامة المالية، حيث تساهم في تحسين فرص الوصول إلى الخدمات المالية وتقليل التكاليف، وتعزيز الشفافية والأمان في المعاملات المالية، وتحسين كفاءة القطاع المالي وتعزيز المنافسة.
وتتمتع الشركات التقنية المالية في المملكة بدعم كبير من الحكومة والقطاع الخاص، وتوفر لها الفرص الكبيرة للنمو والتوسع، كما يتم توفير بيئة استثمارية مشجعة لجذب المستثمرين الأجانب والمحليين.
ومن ضمن التقنيات المالية الجديدة التي تم تطويرها في المملكة العربية السعودية:
1- الدفع الإلكتروني: تتيح العديد من الشركات والبنوك في المملكة العربية السعودية خدمات الدفع الإلكتروني، والتي تتيح للمستخدمين إجراء المعاملات المالية بسهولة وأمان، وذلك عبر تطبيقات الهاتف المحمول أو الإنترنت. وتشمل هذه الخدمات الدفع عن طريق البطاقات الائتمانية أو الخصم، وخدمات الدفع الإلكتروني المحلية والدولية.
2- النقود الرقمية: تم تقديم العديد من النقود الرقمية في المملكة العربية السعودية، والتي تتيح للمستخدمين إجراء المعاملات المالية بسهولة وأمان، وذلك عبر تطبيقات الهاتف المحمول أو الإنترنت. وتشمل هذه الخدمات النقود الرقمية المحلية والدولية، وتتضمن عادة خدمات الحوالات الفورية والدفع الإلكتروني.
3- التمويل الجماعي: تشهد المملكة العربية السعودية تطوراً كبيراً في مجال التمويل الجماعي، حيث يمكن للمستثمرين الاستثمار في مشاريع ناشئة عبر منصات التمويل الجماعي، وذلك بعد دراسة المشروع وتقييمه من قبل الشركات الناشئة والمنصات المختصة.
4- التحويل الفوري: تتيح الخدمة التحويل الفوري للمستخدمين إرسال الأموال بين البنوك والحسابات المصرفية الأخرى في المملكة العربية السعودية بشكل فوري وآمن، وذلك عبر استخدام التطبيقات المصرفية أو الإنترنت، مما يسهل الحركة المالية ويوفر الوقت والجهد.
5- التقارير المالية الذكية: تستخدم بعض الشركات والمؤسسات في المملكة تقنيات الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا البيانات الضخمة لتوليد تقارير مالية ذكية، والتي تساعد على تحليل البيانات المالية بشكل أسرع وأكثر دقة، مما يساعد على اتخاذ القرارات المالية بشكل أفضل.
6- التأمين الإلكتروني: تتيح العديد من شركات التأمين في المملكة خدمات التأمين الإلكتروني، والتي تتيح للمستخدمين شراء وإدارة التأمين بسهولة وأمان، وذلك عبر التطبيقات المصرفية أو الإنترنت.
ومنذ إطلاق رؤية المملكة 2030، تسعى المملكة العربية السعودية إلى تحقيق تنمية اقتصادية شاملة ومستدامة، وتحديث قطاعات الاقتصاد الوطني وتنويعها، وتعزيز دور القطاع الخاص والابتكار والتكنولوجيا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وتعتبر التكنولوجيا المالية من القطاعات الحيوية التي تساهم في تحقيق هذه الأهداف، وتعزيز الابتكار والتنافسية في القطاع المالي، وتوفير الخدمات المالية الحديثة والمتطورة للمستهلكين والشركات والمؤسسات المالية. ويمكن القول إن التكنولوجيا المالية في المملكة ستستمر في التطور والنمو في المستقبل، وذلك بفضل الدعم الحكومي والتعاون بين القطاعين العام والخاص، وتحديث التشريعات واللوائح لتعزيز الابتكار وتحفيز الاستثمار في هذا القطاع الحيوي مما يساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة في البلاد.


 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة