ما مفهوم المتاجر المظلمة؟ وما دورها في تنشيط التجارة الإلكترونية في المملكة وفتح آفاق جديدة للتسويق الرقمي وتحسين تجربة العملاء وتسهيل حصولهم على المنتجات؟ في التقرير التالي نتعرف على "المتاجر المظلمة" التي بدأت في الانتشار والتوسع في مختلف أنحاء العالم بعد جائحة كورونا.
أمانة الرياض
أصدرت أمانة منطقة الرياض أول رخصة متاجر بنظام DARK STORE لإنشاء أكبر مركز تسوق إلكتروني في المملكة. وأشارت الأمانة إلى أن ذلك يأتي تحقيقًا لمستهدف المدينة الذكية ودعمًا للتجارة الإلكترونية والخدمات اللوجستية، وضمن الدعم الذي تقدمه، ومواكبة للطلب المتزايد على المنتجات الغذائية والاستهلاكية عبر الإنترنت.
جائحة كورونا
وفقاً لتقرير لشركة "أوشن أكس" للاستشارات الإدارية عن المتاجر أو المخازن المظلمة، فقد أسهمت جائحة كورونا منذ بدايتها في عام 2020م في انتشار فكرة المتاجر الإلكترونية؛ لاعتماد الكثير على قضاء احتياجاتهم عبر الإنترنت. وبرزت أهمية خدمات التوصيل اللوجستية؛ مما جعل العديد من أصحاب المتاجر يقومون بتوفير وتطوير خدمات إلكترونية كبديل تجاري بسبب إجراءات التباعد الاجتماعي، وذلك للحد من عدد المتسوقين بالداخل، فالخوف من الإصابة بالعدوى يعد سبباً كافياً لتفضيل التسوق عبر الإنترنت.
ووفقاً للتقرير؛ فقد أدى التغير في سلوك المستهلك إلى محاولة إيجاد حلول لرفع مستوى الخدمات المقدمة من أصحاب المتاجر الإلكترونية لتتماشى مع توقعات المستهلكين، ومن أهم هذه الحلول "المخازن المظلمة" التي تسهم في تقديم حلول متكاملة لأصحاب المتاجر الإلكترونية والمستهلكين معاً؛ لمواكبة النمو المتسارع في الطلبات وجودة الخدمات عبر الإنترنت.
ويعرّف التقرير المخازن المظلمة بأنها مخازن لها وجود فعلي وليست متاحة للجمهور (تحول المتجر من بيع مباشر وتقليدي إلى مركز تعبئة وتوصيل)؛ ويتم تنظيمه تلبية لاحتياجات التسوق عبر الإنترنت، ويمكن للعميل الطلب عبر برامج التوصيل اللوجستية. وعلى الرغم من أن المخازن المظلمة كانت حلاً ذكياً أثناء جائحة كورونا، إلا أنها ليست مفهوماً جديداً، فهي شائعة في المملكة المتحدة وفرنسا والصين ودول أخرى حول العالم.
سينسبري" و"تيسكو"
يشير الموقع الاقتصادي المتخصص "أرقام" إلى أن انطلاق المتاجر المظلمة كان في أوروبا، وظهر المصطلح لأول مرة عام 2009 في المملكة المتحدة، والتي تشهد منافسة شرسة بين سلاسل تجزئة البقالة وعلى رأسها "سينسبري" و"تيسكو".
ووفقاً لـ"أرقام"، فإن متاجر البقالة المظلمة أو المخازن المظلمة أو مراكز "دوت كوم"، كلها تسميات للمفهوم نفسه، والذي يقتصر فيه دور المستهلك على إجراء الطلب عبر الإنترنت، بعد تصفح قائمة المنتجات المتوافرة كبديل لعملية التسوق التقليدية التي تحتاج إلى التجول كثيرًا.
وفي متاجر البقالة المظلمة، والتي تشبه من الداخل المتاجر التقليدية تمامًا، وبعدما يؤكد المستهلك طلبه عبر المنصة أو الموقع الإلكتروني الخاص بالمتجر، يتولى أحد العاملين جمع السلع والمنتجات المطلوبة من على الأرفف في الأقسام المختلفة. وداخل متجر البقالة المظلم، يبدو المشهد أشبه بعملية التسوق المعهودة في المراكز التجارية العادية. أشخاص يتجولون هنا وهناك، ويدفعون عربات التسوق أمامهم لجمع الطلبات، بيد أن جميع المتسوقين يرتدون زيًا موحدًا وهم من العاملين لدى المتجر.
ويستطرد موقع "أرقام"، بمجرد الانتهاء من تجميع طلب ما، يتم انتقاله للمرحلة التالية، وهي التوصيل إلى المنزل، حيث سيكون على المستهلك السداد وتسلم طلبه، ولا حاجة لذكر أن عملية الدفع قد تتم عن طريق العديد من وسائل الدفع الإلكتروني أو حتى نقدًا.
وجاءت هذه التسمية "متاجر البقالة المظلمة" لأنها متاجر غير مفتوحة أمام العامة ولا تتلقى طلبات أو تبيع منتجاتها إلا عبر الإنترنت، سواء باستخدام منصة خاصة أو المواقع الإلكترونية التابعة للمتاجر.
مراكز توزيع
ويشير الخبير في سلاسل الإمداد وإدارة المشاريع محمد المعيبد إلى أن المخازن المظلمة هي مستودعات أو مراكز توزيع تقدم خدمة للبائعين عبر التسوق الإلكتروني وليست مفتوحة للعملاء. تتميز بأنها تخدم البائعين عبر التسوق الإلكتروني في عملية الطلب والتجميع للمنتجات في مواقع سهلة الوصول لموظف التوصيل وقريبة من مواقع العملاء، والميزة كذلك أن العملية تكون آلية بالكامل؛ وبالتالي ترتفع الجودة والسرعة، وكذلك تحديث توفر المنتجات فعلياً في المستودعات أو مراكز التوزيع.
وتجدر الإشارة إلى أن المخازن المظلمة تسهم في تحسين إدارة سلسلة الإمداد من خلال ما يلي: تخفيض التكاليف حيث ستوفر تكاليف التخزين والتشغيل للمستودع أو مركز التوزيع على المنظمات، وتحديث أسرع لكمية المخزون لدى البائع والعميل وبالتالي تحسين عملية التخطيط وتجربة العميل، وتواجد المراكز قرب موقع العميل وبالتالي تخفيض الوقت في عملية التوصيل، كذلك فالخدمة يتم تقديمها على مدار الساعة لمقدم الخدمة وبالتالي هناك مرونة أكبر في تنفيذ الطلبات.
24 ساعة
وقد أوضح الخبير في إدارة برامج التجارة الإلكترونية، سعود الحسين، أن هذه المستودعات قد تكون مؤتمتة بالكامل وبدون استخدام عمالة بشرية، ومزودة بالكاميرات وأجهزة التعبئة والتغليف والملصقات؛ والسبب هو سرعة تنفيذ وتسليم الطلبات عبر الإنترنت بشكل خاص. وأضاف الحسين: إن هذه المخازن التي لا يرتادها العملاء تعمل بمعدات وأجهزة آلية ورافعات وأحزمة ناقلة، وذلك حسب مساحة المخازن، لافتًا إلى أن هذه المخازن تعتبر منافذ بيع بالتجزئة، أو تحديدًا هي مركز توزيع مخصص فقط للتجارة الإلكترونية لا يرتاده العملاء، وتمثل نقطة تجميع الطلبات ومن ثم توزيعها على الأحياء المجاورة أو القريبة من المتجر أو المستودع المظلم، من خلال منصة المتجر واستقبال واختيار الطلبات وعمليات المعالجة للطلبات، التوجيه، ثم التخطيط والتجميع ويتم من خلال موظفي المخزن، وهؤلاء يطلق عليهم "المتسوق الخفي أو المتسوق الشخصي" الذي مهمته تجميع الطلبات في طلب واحد وتجهيزها للشحن، وعادة يكون العمل في هذه المخازن على مدار 24 ساعة، حيث يعتمد العمل في المقام الأول على التقنية الإلكترونية.