ادمان الإنترنت وعلاجه

يشهد العالم المعاصر استخداماً مكثفاً للإنترنت الذي يعد طفرة تقنية غير مسبوقة؛ فقد بات هذا الاستخدام والتطور بمثابة الأساس للثورة الرقمية والتكنولوجية التي نعيشها حالياً. ومما يلفت أنظارنا جميعاً هو أن الانترنت أصبح ادماناً بسبب فرط استخدامه والاعتماد على وسائطه المتعددة؛ كمواقع التواصل الاجتماعي (تويتر، وفيسبوك، وغيرهما)، والمواقع الترفيهية (الألعاب)، والمواقع الإعلامية، وغيرها. وتذكر "ويكيبديا" أن أول من وضع مصطلح إدمان الإنترنت هي عالمة النفس الأمريكية "كيمبرلي يونج" التي تعد من أوائل أطباء علم النفس الذين عكفوا على دراسة هذه الظاهرة في الولايات المتحدة منذ عام 1994م، حيث تعرف "يونج" "إدمان الإنترنت" بأنه استخدام شبكة الإنترنت أكثر من 38 ساعة أسبوعياً. وترى أن هذا الإدمان قد يؤدي إلى اضطرابات في السلوك، وهذه الظاهرة قد تكون منتشرة تقريباً لدى جميع المجتمعات في العالم بسبب توفر الأجهزة الموصولة بالشبكة بكثرة؛ وهو ما تفسره "يونج" وفق العديد من الأسباب؛ كالملل، والفراغ، والوحدة، والمغريات التي يوفرها الإنترنت للأفراد، وغيرها الكثير حسب ميولهم.

وقد استرعت ظاهرة ادمان الإنترنت والتقنية انتباه واهتمام الدول المتقدمة؛ لدرجة أنها بحثت عن سبل العلاج منه. فهل تعلم عزيزي القارئ أن مستشفى "كابيو نايتنجيل" في لندن أصبح أول مستشفى لعلاج هذا النوع من الإدمان؟ ويشخص الأطباء والخبراء أعراض وعلامات ذلك الإدمان من خلال ظهور أعراض وعلامات مهمة يبرز من بينها ما يلي:

·        الرغبة الملحة في كثرة استخدام الإنترنت، بشكل غير ضروري.

·        ترك الأصدقاء ومجالس العائلة لفتح الإنترنت، دون أن يكون هناك ضرورة لذلك؛ مثل العمل على الإنترنت.

·        الجلوس لوقت طويل على الإنترنت لمجرد الجلوس دون الاستفادة من المعلومات المختلفة، مع عدم تقدير الوقت عند الجلوس.

·        الشعور بالإحباط عند عدم فتح الحاسب الآلي، أو الجوال لمدة ساعات قليلة.

·        انخفاض الأداء المهني في العمل، والأداء الدراسي في المؤسسات الدراسية؛ بسبب الجلوس طويلاً على الإنترنت.

·        الاعتراف بأن الإنترنت ما يمثله هو الواقع الحقيقي ورفض المجتمع الحقيقي.

وبالرغم من التبعات الخطيرة لإدمان الإنترنت، فإن علاجه ليس سهلاً ويحتاج إلى إرادة وعزيمة، وإجبار النفس على تحديد أوقات معينة لاستخدام الإنترنت، والاندماج بشكل سوي مع الآخرين والأسرة والأصدقاء. وفي الحالات المتقدمة من إدمانه فإنه لا مفر من البحث عن سبيل أو سبل للعلاج منه؛ كالتأهيل النفسي الذي قد يستغرق وقتاً ربما يصل لعدة شهور أو سنوات، والعلاج المجتمعي الذي يبحث في أسباب وقوع مدمني الإنترنت في مشكلات اجتماعية وأسرية، وللأسرة دور أساسي أثناء فترة علاج ادمان الإنترنت يتمثل في إقناع المدمن بخطورته وضرورة العلاج، وأن تسعى لإقناعه بكل الطرق، واحتواء المريض نفسياً وعاطفياً وتقديم الدعم المعنوي له ومتابعة الأطباء المعالجون ومتابعة تطور حالة المريض وتقدمه في العلاج.


 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة