د. ابراهيم المنيف وعمله بمعهد الإدارة العامة

في أحد الأيام اطلعت على إعلان بالصحف المحلية، وكانت المصادفة بوجود وظائف في معهد الإدارة العامة الذي كان يحتل أحد أدوار مبنى وزارة المالية الحالي. كان هذا الإعلان مفاجأة مذهلة؛ لأن الإعلانات عن وظائف حكومية كانت شحيحة للغاية إلى أبلغ الحدود في سنوات التقشف، ويتقدم إلى أية وظيفة يتم الإعلان عنها ما لا يقل عن مائة متقدم.

كانت مرحلة مهمة في تاريخ التنمية والتطوير الإداري السعودي عندما دعا الملك فيصل البنك الدولي ومؤسسة "فورد" إلى دراسة الواقع المتدني للإدارة؛ لتقديم الحلول الممكنة للإصلاح الإداري والمالي في عام 1961م؛ نتج عن هذه الزيارة الاستشارية إنشاء معهد الإدارة العامة، وحضور مستشاري مؤسسة "فورد"، وإنشاء الإدارة المركزية للتنظيم والأساليب بوزارة المالية، كما تم إنشاء برنامج اللغة الإنجليزية ومدته سنتان في معهد الإدارة العامة، وكل ذلك في عام 1962- 1963م.

كانت الوظيفة المعلن هي وظيفة "مساعد مدرس لغة إنجليزية" بالمرتبة الخامسة ومتطلباتها شهادة جامعية أو ثانوية مع خبرة مدة خمس سنوات مع إجادة مميزة للغة الإنجليزية. كنت على يقين بأنني مؤهل لهذه لوظيفة؛ حيث أنني أحمل الثانوية العامة والدبلوم العالي في المحاسبة وإدارة المكاتب، وأجيد الطباعة العربية والإنجليزية بسرعة مع إجادة اللغة الإنجليزية.

لن أنسى ما حييت مقابلتي معالي المدير العام الأستاذ فهد بن سعود الدغيثر الذي لا شك كما عرفت لاحقاً أنه فوجئ بقدراتي اللغوية؛ فصدر قرار المدير العام بالموافقة على تعييني في اليوم نفسه الذي تقدمت فيه للوظيفة.

​مكتبة المعهد

لم أمكث بهذه الوظيفة إلا شهوراً ثلاثة، وعلى إثر ذلك تم تعييني أميناً لمكتبة المعهد الحديثة العهد. كان اهتمام المدير العام فهد الدغيثر لا يوصف في بناء مكتبة تحتوي على أهم المراجع العربية القليلة جداً والأجنبية في الإدارة والاقتصاد، وقابل هذه الرغبة شاب متحمس للعمل الدؤوب والقادر على مراسلة آلاف الناشرين بطباعة الرسائل وطلب هذه الكتب الحديثة ودفع قيمتها.

كان عملنا بوصفنا فريقاً وجزءاً من صالة المكتبة الكبيرة ونمارس عملنا دون قواطع أو حوائط، بينما يفد المكتبة طلاب المعهد المقرر عليهم قراءة بعض كتب الإدارة. كان المكان دون شك يؤهلنا لأن نعمل بصفة فريق ولم يكن الأمر مستحدثاً بالنسبة إلى، كانت المكاتب المفتوحة تعتبر النموذج الأمريكي الذي بدأ ينتقل إلى جميع أنحاء العالم.

كان عملنا بصفة فريق منصباً على تحقيق رؤى ورسالة وهدف الإدارة العليا التي أعطتني بوصفي مديراً وأميناً للمكتبة كافة الموارد المالية الممكنة للاستحواذ على جميع الكتب في الإدارة، ولولا هذا الدعم السخي أعوام 1966م و1967م و1968م لما وصلت مكتبة معهد الإدارة العامة لتكون المكتبة الأولى من نوعها في العالم العربي حتى الآن.​

 
 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة