إعادة اكتشاف الذات

كما نعلم جميعاً؛ إن اكتشاف الذات له أهمية كبيرة بالنسبة للفرد؛ فمن خلاله يمكنه التعرف على كافة قدراته ومهاراته؛ وبناء على ذلك يأخذ القرارات المناسبة له، إلا أنه ربما كانت من اللحظات المؤلمة للنفس البشرية، حينما تسيطر على الموظف صورة ذهنية تجبره من جديد على التفكير عن مدى تناسب توزيع قدراته ومهارته مع ما يقوم به من مهام، وهو ما يطلق عليه مصطلح "إعادة اكتشاف الذات"،

فهذه العملية قد تكون مؤلمة، لأنها تتطلب مجهوداً نفسياً، فهو يعرف ضمنياً-كموظف-أنه سوف يصل لنقطة الأمان المهني؛ ولكن في طريقه توجد بعض التحديات التي تخيفه، وهو ما يمكن تشبيهه بالشعور الذي يواجه الفرد في مكان محترق، ومطلوب منه القفز من النافذة إلى مظلة الأمان، وهو غير متأكد من مدى قوة مظلة الأمان، أو سلامة مكانها؛ لذا يعتقد البعض أنه من الأفضل اكتشاف الذات في بدايات العمل؛ لأن المخاوف تكون أقل بكثير.

ولكن الصحيح أن إعادة اكتشاف الذات تكون في مراحل متعددة من حياتك المهنية، حين تجد نفسك وصلت إلى مرحلة عدم الرضا عن إنجازك؛ ليس لعدم جودته أو كفاءته؛ ولكن لأنك لا تجد ذاتك فيه. فلحظة الصدق مع الذات تتحول إذا ما توفرت الإرادة إلى طاقة قوية تدفع بقواك العقلية والنفسية والجسدية معا نحو إعادة اكتشاف الذات والدفع نحو المستقبل الأفضل، مع يقينك التام بالتحديات التي قد تواجهك.

ويجب أن تكون على حذر من العكس- أي التشاؤم-والذي قد يدفعك إلى خنق ذاتك، أو سجنها في زاوية مغلقة من داخلك؛ مبرراً لنفسك أن السبب بيئة العمل وغيره، لتجد عذراً للتردد والسكون.

وهناك عدة أساليب تساعدك على إعادة اكتشاف ذاتك، ومنها:

  • التفكير المستقبلي؛ بحيث تقوم بتحديد أهدافك، وطموحاتك، التي تسعى إلى تحقيقها، ويمكنك أعداد قائمة تتضمن كافة الأهداف المطلوب تحقيقها، وبين كل فترة وأخري تراجعها؛ لترى مدى تقدمك في تحقيقها، أو لتقوم بتعديلها حسب أهدافك الجديدة.
  • ولا بد من أن تكون لديك الثقة بما تملكه من قدرات، ومهارات؛ فكلما كنت واثقاً من نفسك، سوف تنجح في التعرف أكثر على ذاتك، وما يميزك عن غيرك.
  • ولا بد أن تتصف بالقوة، وأن تتوقع أنك في مرحلة الانتقال سوف تواجه بعض التحديات والتي يجب عليك أن تتغلب عليها إلى أن تصل إلى نقطة الأمان.
  • كما أنه من المهم أن تكون لديك مهارة الترتيب والتنظيم في حياتك الخاصة أو العملية؛ حتى لا تؤثر أي منهما سلباً على الأخرى، كما أن ذلك له العديد من الفوائد أولها المحافظة على الوقت، وتساعد على أن تخصص وقتاً لإنجاز كل أمر من أموره دون تقصير أو ضغط نفسي.
  • كما يساعدك التفكير المستقل، وذلك في مكان هادئ بعيداً عن إزعاج وتأثير الآخرين؛ بحيث تتبنى أسلوباً مميزاً في التفكير، وتحاول الفصل بين أفكارك، وأفكار من حولك. ولا يعني ذلك عدم الاستفادة من نصائح الآخرين، بشرط أن تستعين بشخص ما تثق به، ويفضل أن يكون هذا الشخص لديه خبرات، وتجارب سابقة لكي يستطيع تقديم النصح السليم،

إن دعم عملية إعادة اكتشاف ذاتك بتطوير وتنمية قدراتك، ومهاراتك، سواء كان ذلك من خلال الالتحاق بدورات تدريبية، أو التدريب في منظمة ما؛ من أجل اكتساب خبرة، أو العمل التطوعي، وغير ذلك. مما يساعدك على سرعة الاستقرار المهني والنفسي في المرحلة المستهدفة.​

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة