استثمار الموارد الذاتية في القطاع الحكومي

​​أكدت محاور رؤية المملكة 2030، وكذلك الخطة التنفيذية لبرنامج التحول الوطني على أهمية تمكين ونشر ثقافة ريادة الأعمال وتعزيز روح المبادرة القائمة على التجديد والابتكار، والعمل على استغلال الموارد الاستثمارية المتاحة في الجهات الحكومية بأفضل طريقة ممكنة؛ وذلك لتنمية وتعزيز مواردها المالية من جهة، وترشيد وتحقيق كفاءة الإنفاق العام من جهة أخرى.

 وقد نص نظام إيرادات الدولة واللائحة المنظمة له لعام 1431هـ، والمعدل في عام 1439هـ، في المادة الثامنة منه على: "تُنشأ في الوحدات الحكومية وحدة تنمية ومتابعة الإيرادات". واعتبرت رؤية 2030 ذلك المحرك الرئيسي لتعزيز القدرات الذاتية، وخلق الثروة الوطنية، والمساهمة في تنويع الخدمات المقدمة للمواطنين؛ بُغية دعم التنمية وتحقيق النمو المستدام.

ويمكن أن تتحقق هذه المستهدفات من خلال استغلال المحركات المدفوعة بالموارد، والمحركات المدفوعة بالكفاءة، والمحركات المدفوعة بالابتكار والتي تستسقى روافدها من الموارد البشرية والإمكانيات المؤسساتية، والأصول المتاحة، علاوة على تشجيع الابتكار واجتذاب العقول ذات الأفكار الإبداعية والخلاقة.

فعلى سبيل المثال-لا الحصر-يُمكن للجهات التعلمية والتدريبية: الاستفادة من عوائد انتداب الكوادر التدريبية والتعليمية للجهات ذات العجز في تخصصات معينة، أو تأجير القاعات والمعامل التدريبية وحقوق استغلال البرامج الإلكترونية المدفوعة الثمن. وفي المجال الصحي يمكن لوزارة الصحة-بما لديها من كوارد بشرية مؤهلة أو أجهزة طبية متخصصة، بل ونادرة وجودها في القطاع الخاص-من تعزيز إيراداتها وتحقيق اكتفائها ذاتيا؛ بتقديم خدماتها مدفوعة الأجر للقطاع الخاص. أما وزارة النقل التي تمتلك بيانات ومعلومات عن أطوال الشوارع الرئيسية والجانبية والطرق الرئيسية بين المدن وداخلها، وأجهزة وطواقم هندسية متطورة، فيمكنها بيع هذه المعلومات للمقاولين بدلاً من قيام المقاول بهذه المهمة عند طرح وترسية المناقصات الحكومية.  كما تستطيع الأمانات الحصول على إيرادات من خلال بيع المعلومات المتاحة للمنتجين والمستثمرين عن طبيعة وعدد ونوعية الأنشطة التجارية والخدمية المرخصة بكل منطقة سكنية، كعدد الصيدليات، ومشروعات التموينات، والأدوات الصحية والمنزلية والتي تتطلب معرفتها جهوداً مضنية...وغيرها.

وحينئذ تستطع أي جهة حكومية بما لديها من مميزة نسبية أو وفرة في مواردها غير المستغلة من تعزيز إيراداتها وتغطية جزء من نفقاتها، كما يمكنها اتخاذ التدابير اللازمة للحد من المخاطر والتحديات التي قد تواجهها في حالة تخفيض المخصصات الحكومية لها؛ كي تتمكن من تنفيذ رؤيتها، وتحقيق رسالتها. فالفرص لم تنته، والإبداع بلا حدود ولا قيود.

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة