الإنفاق الرأسمالي الحكومي والنمو الاقتصادي طويل الأجل في المملكة

​تبرز أهمية الإنفاق الرأسمالي في أي دولة من ناحية ارتباطه بالنفقات الاستثمارية الهادفة إلى توسيع الطاقة الإنتاجية وتحقيق النمو الاقتصادي في المجتمع، كما أنه يعد أحد أهم المؤشرات التي تؤخذ بعين الاعتبار في النظر لأرقام الموازنة العامة. كذلك فإن هذا النوع من الإنفاق هو أحد أدوات السياسة المالية وأن التوسع فيه يعد أحد عوامل هذا النمو الذي يُصنف كنمو اقتصادي قصير الأجل. بينما تستهدف الدول تحقيق النمو الاقتصادي طويل الأجل؛ ووفقًا لهذا التصور فإن الفكرة الرئيسية التي يتبناها كل من: د.سليم سليمان الحجايا، ود.ماجد سليمان المزيني في دراستهما المنشورة في مجلة "الإدارة العامة" الصادرة عن معهد الإدارة العامة، والتي نستعرضها معكم في هذا العدد، تعتمد على أن الإنفاق الرأسمالي يؤثر بشكل مباشر على إجمالي رأس المال الذي يعد أحد عوامل تحقيق النمو الاقتصادي طويل الأجل في المملكة العربية السعودية، وإليكم التفاصيل.​

توضيح

وحتى تتضح هذه الفكرة للقارئ؛ فإن الباحثين يحددان أن المقصود بالإنفاق الرأسمالي هو عبارة عن الجزء من الإنفاق المتعلق بالنفقات الاستثمارية من مجموع إنفاق الدولة (الإنفاق العام)، وتهدف بشكل أساسي إلى توسع الطاقة الإنتاجية وتحقيق النمو الاقتصادي، وتمتاز بأنها أكثر مرونةً من النفقات الجارية، وتستجيب لمقدرة الدولة المالية بشكل أكبر. كما يلفتان إلى أن النمو طويل الأجل هو النمو الذي يأتي من جانب العرض (الموارد) وليس من جانب الطلب، وهو ما يفسر اقتصاديًّا بدالَّة الإنتاج من خلال تغير إمكانات الاقتصاد مع مرور الوقت.

البنية التحتية

وتبدو أهمية هذه الدراسة-حسب ما يراه الباحثان-في كونها الدراسة الأولى من نوعها في المملكة، وفي دول المنطقة أيضًا، التي تناقش هذه الفكرة، وبالتالي تحقيق التنمية المستدامة. كذلك تتضمن الدراسة عددًا من أهم المتغيرات الرئيسية التي يُتوقع لها أن تُحدث النمو الاقتصادي في الاقتصاد السعودي كالسياسة النقدية، ممثلةً بعرض النقد، والسياسة المالية، ممثلةً بالإنفاق الجاري والإنفاق الرأسمالي، وكذلك متغير التضخم، وأيضاً متغير معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي.

ولكن الإنفاق الرأسمالي، تحديداً، من إنفاق على البنية التحتية، كالجسور، والطرق، والمستشفيات، والمدارس، وغيرها، هو عبارة عن زيادة في إجمالي رأس المال الذي يعد أحد أهم عوامل النمو طويل الأجل، والذي يأتي من جانب العرض وليس الطلب، وهذا يعني أن الإنفاق الرأسمالي يؤدي لإحداث النمو الاقتصادي في الأجلَين: القصير، والطويل معاً.

صعود وهبوط

يشير د.الحجايا ود.المزيني إلى أن الإنفاق الرأسمالي السعودي خلال فترة الدراسة الممتدة بين عامي 1988-2018م لم يسر على وتيرة واحدة، لكنه تأثر بالمتغيرات الإقليمية والعالمية التي فرضت نفسها خلال هذه الفترة، مثل حرب الخليج، وانخفاض أسعار النفط، وحرب اليمن. ولتفسير واختبار العلاقة بين الإنفاق الرأسمالي الحكومي وإجمالي التكوين الرأسمالي (رأس المال)، تم وضع نموذج قياسي يستند على النظرية الاقتصادية.

تحفيز الاستثمار

وقد توصلت الدراسة إلى عدد من النتائج المهمة، فقد خلصت إلى فعالية السياسة المالية في الأجلَين القصير والطويل من خلال الإنفاق الرأسمالي الحكومي. كذلك فإن هذا الإنفاق عامل مهم ومؤثر في النمو طويل الأجل. كما أن عامل الأسعار له تأثير إيجابي كحافز لزيادة الإنتاج. وأظهرت النتائج أن النمو الاقتصادي بالأسعار الحقيقية هو أكثر عامل يؤثر على النمو طويل الأجل. واتضح أنه بالرغم من كِبَر حجم الإنفاق الجاري الذي كان يشكل أكثر من 75% من إجمالي الإنفاق العام، إلا أنه لا يسهم في حدوث النمو الاقتصادي طويل الأجل من خلال عدم تأثيره على إجمالي التكوين الرأسمالي.

وفي ضوء هذه النتائج يبدي كل من: د.سليم الحجايا، ود.ماجد المزيني عددًا من التوصيات التي من بينها ما يلي: الاهتمام بشكل كبير بالإنفاق الرأسمالي؛ لأنه يحفٍز البيئة الاستثمارية، وزيادة الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة، وتوجيه الاهتمام بشكل أكبر نحو النمو طويل الأجل، والتركيز على الاتجاهات التي تعزز الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي.​


 
 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة