العقوبات الاقتصادية..ضرورة دولية

​العقوبات الاقتصادية الدولية (Economic Sanctions) هي هذه الإجراءات الدولية الاقتصادية التي تتخذها الجماعة الدولية (The International Community) من دول ومنظمات دولية ضد من ينتهك ويخل بالالتزامات القانونية الدولية (International Legal Obligations). وهي إجراء جبري، بمعنى أنها تطبق على الدول المستهدفة بشكل قسري، وأنها تنال وتؤثر على المصالح الاقتصادية لتلك الدول. وتطبق هذه العقوبات لمواجهة الإخلال بالالتزامات القانونية الدولية، أي نتيجة لوقوع عدوان (Aggression) أو تهديد بالعدوان على العلاقات الدولية، سواء السياسية أو الاقتصادية. وتستهدف تلك العقوبات إصلاح سلوك (Conduct) الدولة المتعدية وحماية مصالح

(Interests) الدول الأخرى والحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وهي تختلف عن الضغوط الاقتصادية التي تستهدف الدولة بها تحقيق مصالحها والتأثير على سياسات الدول الأخرى.

وتعد العقوبات الاقتصادية أداة فعالة، وقد ازدادت فاعليتها في وقتنا الحالي؛ نظراً لأهمية الاقتصاد في حياة الدول والشعوب، ونظراً لاستخدامها في تحقيق أهداف سياسية من قبل الدول التي تفرض مثل تلك العقوبات على الدولة المتعدية. فقد أكد ميثاق الأمم المتحدة (U.N. Charter) في المادة (1) منه على أن الهدف الرئيسي من إنشاء هيئة الأمم المتحدة هو الحفاظ على السلام والأمن الدوليين من خلال التدابير الواردة في الفصل السادس (Chapter Six)؛ من أجل التسوية السلمية للمنازعات أو الإجراءات القسرية المنصوص عليها في الفصل السابع (Chapter Seven).

وإذا أمعنا النظر في ميثاق الأمم المتحدة المسؤولية الدولية في حفظ الأمن والسلم الدوليين على عاتق مجلس الأمن الدولي (Security Council)؛ سنجد أن المجلس مُنح سلطات تقديرية واسعة بموجب الفصل السابع من الميثاق لتحديد وإصدار القرارات (Security Council Resolutions) في الحالات التي تهدد الأمن والسلام الدوليين. كما أعطى الميثاق لمجلس الأمن الحق في ممارسة سلطاته بفرض عقوبات سياسية أو دبلوماسية أو اقتصادية أو اتخاذ إجراءات عسكرية لحسم النزاع كما ورد في المادتين (41) و (42) من الميثاق.

والهدف من العقوبات الاقتصادية التي تفرض على دولة ما هو لإجبار هذه الدولة على التخلي عن السلوك أو العمل الذي يعتبر خرقاً للقانون الدولي، والشرعية الدولية ممثلة في المواثيق والعهود والاتفاقيات الدولية ومبادئ القانون الدولي، كما تهدف هذه العقوبات إلى حرمان الدول المعاقَبة من الاستفادة من الفعل أو السلوك المخالف ومنعها مستقبلاً من تكرار هذه التجاوزات والأعمال المخالفة من خلال إحداث أكبر ضرر اقتصادي على الدولة التي تطبق عليها هذه العقوبات؛ حتى تمتثل للشرعية الدولية، فمثلاً فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات اقتصادية على النظام السوري واستهدفت العقوبات الجديدة شركات وأشخاصاً موالين للنظام السوري. وشملت تجميد أموال شركات ومنع هؤلاء الأشخاص من الدخول إلى أراضي الاتحاد الأوروبي. كما قام الاتحاد الأوروبي بتجميد أموال عدد من الشركات السورية، وأوقف كذلك التعامل مع البنك المركزي السوري. كذلك فرضت الولايات المتحدة والعديد من الدول الأخرى عقوبات الاقتصادية على إيران، ولاسيما على التحويلات المالية للمصارف الإيرانية، وحظر واردات الغاز والتجارة. وختاماً، نلفت إلى أن إيران تشهد هبوطاً حاداً في صادراتها النفطية، وتدهوراً في عملتها، وتفاقماً في التضخم، وتراجعاً في الإنتاج الصناعي، وتضاعفاً في البطالة؛ بسبب العقوبات الغربية عليها بسبب برنامجها النووي المثير للجدل. 


 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة