الإدارة الإلكترونية والتمكين الإداري

يظل تحقيق الأهداف التنظيمية بالفاعلية والكفاءة المطلوبة محفوفاً بالمهددات، مالم تتوفر ركائز العمل المادية والمعنوية. ولعل ما يشهده العالم من تغيرات متسارعة أثرت بشكل كبير على البيئة الداخلية للمؤسسات وجعلتها أمام تحدي إستبقاء وإستنطاق القدرات البشرية الكامنة لمنسوبيها؛ كونهم حجز الزاوية في صناعة الفروق المؤسسية، فظهرت الكثير من المداخل الإدارية لتحريك دوافع الفرد وجعله مصدر إلهام المؤسسات وتميزها، ومن ذلك التمكين الإداري.

فمن خلال هذا التمكين تسعى الإدارة جاهدة لحفز عامليها، بتوفيرها لمقومات الأداء الفعال ومنح الثقة والصلاحية للعاملين لممارسة أعمالهم؛ فهو يخلق لديهم الإحساس بالسيطرة والتحكم في مخرجات أعمالهم، كما يوفر الإحساس العالي بالمسؤولية، مع خلق قدر كبير من فرص الإبداع والقدرة على التحليل والتفكير في إطار الرؤية التكاملية لمنظومة العمل كونهم شركاء في النجاح وليسوا تنفيذين؛ وبالتالي ستوجه جُل أنظارهم واهتماماتهم نحو مخرجات الأداء النهائي، مما يزيد مستوى الدافعية ويقتل الإحباط ويعزز من الشعور بالارتياح وأهمية وقيمة العمل. ولما كان نجاح التمكين يعتمد وبصورة كبيرة على تشاركية المعلومات وتوفير المعارف واتاحتها وفتح قنوات الاتصال مع تعزيز روح العمل الجماعي وإعطاء الصلاحيات والحرية في التنفيذ مع تحمل نتائج الأداء وتوفير قواعد إتخاذ القرارات وتفعيل مبدأ الرقابة الذاتية، فقد عززت الإدارة الإلكترونية من عملية تمكين الموظفين فهي بمثابة أسلوب عمل يسعى للتحول من إدارة الاعمال اليدوية أو الورقية إلى الأنشطة الرقمية؛ إعتماداً على تقنيات الاتصالات وتطوير البنية المعلوماتية داخـل المؤسسة بصورة تحقـق تكامـل الرؤية، ومن ثم أداء الأعمال؛ بغرض التحول نحو ممارسة إدارية مواكبة وجاذبة تزيد من فرص التقدم والنمو وتٌسرع عملية إتخاذ القرات وحل المشكلات ورفع درجة الموثوقية في المعلومات.

فالإدارة الكترونية تعزز من فاعلية الاتصال من خلال تقليلها عدد المستويات الهرمية والتحول نحو أنماط التنظيم الشبكية، بدلاً من الإفراط في النظم الهرمية؛ وبالتالي مرونة وفاعلية في الاتصال، كما انه-ومن خلال قواعد البيانات المحوسبة-يشعر العاملون بالعدالة في مشاركة المعلومات ذات الصلة بمهامهم التنظيمية، كما ان القيام بإنجاز المهام يعطي إحساس عالٍ بأهمية العمل ومساهمته في تحقيق المخرج النهائي. فالإدارة الإلكترونية تسعى-وبقدر كبير-إلى تقليل الهدر وتبسيط إجراءات العمل؛ وبالتالي فإن ذلك يعظم شعور العامل بأهمية ما يقوم به من إجراءات لتحقيق وإنجاز الأعمال النهائية، كما أن الإدارة الإلكترونية تسعى بنسبة كبيرة لوضع مؤشرات قياس أداء لكل خطوة؛ مما يحرك الدوافع الذاتية للفرد لتسريع معدلات الإنجاز وفق المعاير المطلوبة، كما تقدم الإدارة الإلكترونية التغذية الراجعة بصورة تمكٍن العامل من الوقوف على مجالات وفرص التحسين.

ولما كانت الإدارة الإلكترونية تنطوي على ضرورة مواكبة التطورات التقنية؛ فإنها بذلك توفر فرصاً لمزيد من التعلم ورفع القدرات، من خلال قيام إدارة المؤسسات بتدريب منسوبيها؛ لمواكبة منظومة التطور. فالتحول من العمل الكتابي إلى المعرفي يحتاج لمستوى متعدد ومتنوع من المهارات؛ وبالتالي توافر فرص النمو والتطور المهني. ولزيادة فاعلية التمكين عبر الإدارة الإلكترونية ينبغي أن تعزز الإدارة من اتجاهاتها الإيجابية نحو الإدارة الإلكترونية، مع التحديث المستمر لقواعد البيانات ورفع كفاءة الخدمات وزيادة درجة تأمينها، وتدعيم عمليات التطوير والابتكار لتحسين كفاءة النظم وتحسين قواعد اتخاذ القرارات بصورة دائمة، برفدها بمتطلبات اتخاذ القرار؛ بما ينعكس بشكل إيجابي على أداء الافراد العاملين وتطويرهم وتعزيز رضاهم وارتباط الوظيفي ويعزز من قدراتهم الإبداعية. ​

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة