التظلم الإداري

ذهب البعض إلى أن التظلم الإداري في النظام السعودي يقطع ميعاد رفع دعوى الإلغاء، إلا أنه بمطالعة نص الفقرة (4) من المادة (8) من نظام المرافعات أمام ديوان المظالم الصادر بالمرسوم الملكي رقم(م/3) وتاريخ 22/1/1435هـ، والمعدّلة بالمرسوم الملكي رقم (م/65) وتاريخ 13/ 9/1436هـ؛ نجد أنها قد أوجبت أن يسبق رفع الدعوى إلى المحكمة الإدارية التظلم إلى الجهة الإدارية المختصة-سواء كانت الجهة مصدرة القرار، أو وزارة الخدمة المدنية على حسب الأحوال-خلال ستين يوماً من تاريخ العلم بالقرار، سواء بإبلاغ ذوي الشأن به، أو بنشره في الجريدة الرسمية إذا تعذر الإبلاغ. وعلى هذه الجهة أن تبت في التظلم خلال ستين يوماً من تاريخ تقديمه. وإذا صدر قرارها برفض التظلم، أو مضت المدة المحددة دون البت فيه؛ فللمتظلم رفع الدعوى إلى المحكمة الإدارية خلال ستين يوماً من تاريخ العلم بالقرار الصادر بالرفض، أو من تاريخ انتهاء مدة الستين يوماً المحددة للجهة دون البت في التظلم. وهنا يبرز التساؤل: هل يترتب على تقديم التظلم الإداري انقطاع ميعاد رفع دعوى الإلغاء وفقًا لحكم الفقرة السابقة؟

وللإجابة عليه، يلزم القول ابتداءً إنه يتعين حتى يكون للتظلم أثره في قطع الميعاد المقرر لرفع دعوى الإلغاء، أن يكون ثمة تداخل بين ميعاد التظلم وميعاد رفع الدعوى، أي أن يُقدَّم التظلم خلال سريان ميعاد رفع الدعوى، أما إذا كان ميعاد التظلم ينتهي قبل بدء ميعاد رفع الدعوى، فإنه لا يستقيم قانونًا الحديث عن انقطاع لميعاد لم يبدأ بعد.

ولمَّا كانت الفقرة (4) من المادة (8) من نظام المرافعات أمام ديوان المظالم-سالفة البيان-تقطع بيقين أن ميعاد التظلم-سواء إلى الجهة الإدارية مصدرة القرار ،أم إلى وزارة الخدمة المدنية-يبدأ من تاريخ العلم بالقرار الإداري؛ بينما ميعاد رفع الدعوى يكون خلال ستين يوماً من تاريخ العلم بالقرار الصادر برفض التظلم، أو من تاريخ انتهاء مدة الستين يوماً المحددة للجهة دون البت في التظلم، ومن ثم فإنه ليس ثمة مجال للقول بأن التظلم يقطع ميعاد رفع دعوى الإلغاء؛ لأنه إجراء وجوبي مستقل وسابق على ميعاد رفع دعوى الإلغاء.

 

     ولعل الذي دفع البعض إلى القول بأن التظلم الإداري في النظام السعودي يقطع ميعاد رفع دعوى الإلغاء هو استصحاب أحكام التظلم الواردة في النظام المصري، وهنا تكمن المشكلة، فميعاد رفع دعوى الإلغاء-وفقًا لنص المادة (24) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972م-ستون يومًا تبدأ من تاريخ نشر القرار  الإداري، أو إعلان صاحب الشأن به، والأصل في التظلم أنه جوازي؛ ويترتب على تقديمه خلال سريان ميعاد رفع الدعوى انقطاع الميعاد وفقًا لما قررته المادة سالفة الذكر ، في حين أن الأمر مختلف تمامًا في النظام السعودي؛ فالتظلم وجوبي، ويلزم تقديمه خلال ستين يومًا تاريخ العلم بالقرار الإداري، ولا يبدأ ميعاد رفع الدعوى إلا بعد انتهاء المواعيد المقررة للتظلم على النحو السالف بيانه، وهو ما لا يمكن أن يُتصور معه قطع التظلم لميعاد رفع دعوى الإلغاء.

وختاماً، فإن صفوة القول إن التظلم الإداري الوجوبي في النظام السعودي-وفقًا للفقرة (4) من المادة (8) المشار إليها-لا علاقة له بقطع ميعاد رفع الدعوى؛ لأنه إجراء وجوبي مستقل بذاته بعيدًا عن ميعاد رفع دعوى الإلغاء، ويترتب على عدم إجرائه في الميعاد المحدد نظامًا عدم قبول الدعوى. 


 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة