"ديف أولريش": رؤية 2030 ستشكل مستقبلاً واعداً للمملكة والخبرة التقنية أهم المهارات "الناعمة"

​​

  • الدولة التي تملك رؤية ينتظرها مستقبل أفضل كثيراً من الحاضر
  • أفضل طريقة لمساعدة قادة الجيل القادم على التعلم منحهم الفرصة والتدريب
  • عندما قرأت رؤية 2030 أدركت أن قادة اليوم يخلقون فرصاً مهمة لقادة الغد
  • لدى الشركات العربية ممارسات إدارية متميزة يجب أن تتعلمها الشركات الغربية

 

 

"دون رؤية يفقد المجتمع بوصلته"..بهذه الحكمة البليغة بدأ الخبير الدولي في القيادة والموارد البشرية والإدارة "ديف أولريش" حديثه معنا عن أهمية أن يكون للدولة والمنظمات رؤية واضحة للمستقبل، ولهذا كانت حتمية رؤية 2030 ودورها المهم في تطوير وتنمية المملكة وتهيئتها لمستقبل أكثر تطوراً، ويمتلك د.ديف أولريش إرثاً معرفياً عميقاً وخبرة عملية ثرية في مجال القيادة والإدارة والموارد البشرية، فله أكثر من 30 كتاباً و200 مقال في هذا المجال، وهو يعد خبيراً ومتحدثاً في أكثر من 90 دولة حول العالم، وقد تم اختياره في عام 2019م ضمن أكثر 20 رائداً مؤثراً عالمياً في مجال الموارد البشرية، كما تم تصنيفه في المرتبة 13 ضمن قائمة الـ 20 لأكثر الأساتذةً تأثيراً في مجال الأعمال لعام 2018م، وفي عام 2015م تم تصنيفه في المرتبة 27 في قائمة أفضل 50 مفكراً مؤثراً في مجال الإدارة والأعمال، وحاز لقب المتحدث الأول في الإدارة عام 2014م، وفي عام 2000م تم إدراجه ضمن أفضل المدربين في مجال الأعمال. التقيناه على صفحات "التنمية الإدارية"، وتجاذبنا معه أطراف الحديث.

الرؤية وتدريب الشباب

  • تسعى رؤية المملكة 2030 إلى إعداد كوادر وطنية مؤهلة لقيادة التحول الوطني في القطاع الحكومي، كيف ترى دور الرؤية في تأهيل هذه الكوادر؟

هناك اقتباس عظيم يقول "بدون رؤية يهلك الناس"؛ فالرؤية تمنح الأفراد شعوراً بالاتجاه الذي تتجه إليه البلاد أو المنظمات في المستقبل، كما تمنحهم تطلعاً إلى ما يمكن أن يكون عليه المستقبل الذي يختلف عن الحاضر، وتمنحهم كذلك إلهاماً يأتي من معنى الرؤية ذاتها. إن الدول والمنظمات والقادة الذين لديهم رؤى يشكلون ملامح مستقبل يختلف كثيراً عن الحاضر ويكون أفضل منه كذلك.

  • ما أهم التوجهات الحديثة في التدريب والتأهيل لإعداد قادة شباب قادرين على إدارة المنظمات الحكومية بأساليب مبتكرة؟

إنني أعمل مع قادة الجيل القادم وأرشدهم، وقد نصحني أحدهم بحكمة تقول: "ابتعد عن طريقهم". إن العديد من قادة الجيل القادم لديهم طموح للقيام بعمل رائع، ولديهم كذلك القدرة على قيادة الآخرين، والمقدرة على التعلم والتطور بسهولة، ويتميزون كذلك بنمط معين من الإنجاز في عملهم. وأفضل طريقة لمساعدة قادة الجيل القادم الطموحين على التعلم هي منحهم الفرصة إلى جانب التدريب والتوجيه المدروسين. إن برامج التدريب تعمل على دعم هذه العمليات حتى يتمكن قادة الجيل القادم من نقل ما يفعلونه في عمل معين إلى عمل آخر.

مهارات وبرامج ومبادرات

  • الإدارة هي سر النجاح، فهل يمكن أن تقدم لنا أهم نصائح لإدارة المنظمات الحكومية بشكل متميز وفعال؟

عادة ما نفرق بين القيادة (القيام بالأشياء الصحيحة)، والإدارة (فعل الأشياء بشكل صحيح). وكلاهما مهم لمساعدة أية منظمة على أن تكون فعالة. وفي سبيل الجمع بين القيادة والإدارة؛ حددنا 5 مجموعات من المهارات الضرورية:

1-توافر وضع استراتيجي لتوقع وتشكيل المستقبل.

2-إتاحة مختلف السبل لإنجاز الأعمال وتنفيذها في الوقت المحدد في كل مرة.

3-تواجد مديري المواهب الأكفاء لتأهيل الأفراد من خلال زيادة كفاءتهم والتزامهم ومساهمتهم المهنية.

4-توافر مطوري رأس المال البشري لاستثمار قدرات الموظفين في المستقبل وبناء المنظمة الناجحة.

5-الكفاءة الشخصية للتحلي بالصفات الشخصية (العاطفية، والاجتماعية، والفكرية، والجسدية، والروحية) لقيادة الآخرين.

  • قدمت رؤية 2030 العديد من البرامج والمبادرات التي من شأنها إحداث قفزات تنموية كبرى في المملكة، ما الدور المأمول من القادة الشباب في تحقيق الرؤية؟

يريد القادة الطموحون والمتفوقون مساعدة رأس المال البشري لديهم في الحصول على فرص أفضل في المستقبل. ومن خلال اهتمامي بالمشاريع والمبادرات السعودية؛ فعندما قرأت رؤية 2030 أدركت أن قادة اليوم يخلقون فرصاً مهمة وضرورية لقادة الغد. فمن خلال استثمار الموارد الحالية لخلق وتشكيل المستقبل؛ ستساعد المملكة العربية السعودية قادة الجيل القادم على التأثير داخل المملكة وخارجها. إن البلدان والمنظمات والقادة والأفراد الذين لا يتكيفون مع التغيير يصبحون سريعًا خارج دائرة الحياة، ومن ثم فإن رؤية 2030 تعمل على تشكيل مستقبل حيوي وواعد يختلف عن الحاضر.

معايير عالمية

  • ما هي تصوراتك المستقبلية لقطاع حكومي ناجح في السنوات العشر المقبلة؟

أنا أؤمن بشدة بالخدمة المدنية، فقد كان والدي موظفاً مدنياً مدى الحياة، وكان عملي الأساسي في جامعة مملوكة للدولة. وأعتقد أن قطاعاً حكومياً ناجحاً يعد كمثال يحتذى في مجال الصناعة، فهو يجمع بين قطاعات مختلفة، كالتعليم، والصناعة، وقوة العمل؛ لإنشاء مجتمع قوي، كما أنه يضع السياسات العامة ويسهل جذب الاستثمارات التي تمكّن من تحقيق الرفاهية الشخصية في مجالات، مثل الصحة، والتعليم، والأسرة، ويضمن كذلك إتاحة اقتصاد ومجتمع طموحين ومتميزين على المدى الطويل.

  • هل تصلح أساليب الإدارة الغربية للتطبيق في البيئة العربية؟

لقد وجدنا أن ممارسات الإدارة يجب أن تمكّن المنظمة من النجاح في الأسواق التي تعمل فيها. ولا تعمل المنظمات العربية بشكل متزايد داخل حدود بلدها فحسب، بل تعمل على المستويين الإقليمي والعالمي، وعندما تعمل شركة أو منظمة ما على مستوى العالم؛ فيتعين عليها تلبية المعايير العالمية، وهذه المعايير ليست من الغرب أو من الشرق أو من المنطقة العربية، ولكنها تعني حرفياً نظاماً بيئياً عالمياً، حيث يمكن مشاركة الإدارة الجيدة في أي منطقة من العالم مع مناطق أخرى من العالم. فلدى الشركات العربية ممارسات إدارية يجب أن تتعلمها الشركات الغربية والشرقية على السواء، وأهمها على سبيل المثال معاملة الموظفين كأسرة واحدة بكرامة واحترام. بالطبع هناك اختلافات جغرافية، ويجب على الشركات تكييف أي ممارسة عالمية لبيئتها المحلية، لكن الإدارة الجيدة أصبحت بشكل متزايد معياراً عالمياً.

مهارات ناعمة

  • ما أهم المجالات المعرفية التي ينبغي على الشباب إتقانها اليوم؛ بهدف التميز في سوق العمل؟

لقد وجدنا أن الشباب بحاجة إلى الخبرة التقنية أياً كان مجال اهتمامهم، مثل العلوم، والهندسة، والتسويق، والتمويل، وغيرها. ففي سوق العمل اليوم تفترض معظم الشركات توافر المؤهلات الفنية لموظفيها. وغالباً ما تكون المفاضلة من خلال المهارات "الناعمة" المتمثلة في تحديد الأهداف والعلاقات والمعلومات والاتصالات والقدرة على التكيف. لقد وجدنا أيضاً أنه عندما يتمكن القادة الشباب من العمل في عالم من الغموض، تصبح هذه المهارات أكثر أهمية.

رغبة واستعداد

  • كيف ترى النهضة التنموية التي تعيشها السعودية في ظل خطط وبرامج رؤية 2030؟

لقد تشرفت بالعمل مع بعض الشركات الرائدة في المملكة وقمت بجولات مع عائلتي عدة مرات داخل المملكة. وأستطيع أن أقدر طاقة الأشخاص الذين قابلتهم، وكذلك رغبتهم في إحداث التغيير، واستعدادهم لمواجهة المنافسة العالمية. وآمل أن تستمر رؤية 2030 في تمكين الأفراد من بذل قصارى جهدهم لتنمية وتطوير بلدهم وشركاتهم وأنفسهم.​


 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة