د.حصة العقيل: نظام الجامعات الجديد سيغير متطلبات سوق العمل

​تشهد المملكة حراكاً كبيراً على صعيد تطوير سوق العمل، وهو ما يتطلب تطويراً موازياً في متطلبات التدريب؛ بهدف إعداد كوادر وطنية مؤهلة ومتمكنة قادرة على مواجهة تغيرات سوق العمل بفعل التطورات التكنولوجية الكبيرة، ولا شك في أن هذا التطوير يوظف كافة التقنيات الحديثة في الإدارة وفي مقدمتها علم البيانات وكافة العلوم المرتبطة به. في هذا اللقاء مع مديرة الفرع النسائي لمعهد الإدارة العامة بالمنطقة الشرقية د.حصة العقيل تتابعون كثيراً من التفاصيل المهمة حول سوق التدريب في المملكة.

​​ 

سوق التدريب ومستقبله

  • يعد التدريب الإلكتروني من أهم السمات الحديثة للتدريب في العصر الحالي. كيف تقيمين الإقبال على هذا النوع من التدريب في المملكة؟

في رأيي إن التدريب الإلكتروني قد أخذ حيزاً كبيراً من الاهتمام في كل من القطاعين الخاص والعام في المملكة. ومما لمست شخصياً، هناك توجه كبير وإقبال ملموس بين العديد من الأفراد-سواء ممن هم على رأس العمل أو من الدارسين-على هذا النوع من التدريب. ولعل أهم الأسباب في ذلك هو تغلب هذا النوع من التدريب على أهم العوائق وهما الزمان والمكان، بالإضافة إلى وعي منسوبي القطاعين في دولتنا الحبيبة بأهمية التطوير الذاتي ومواكبة التغيير المتسارع في شتى المجالات. 

  • ما أهم ما يميز سوق التدريب في المملكة فيما يرتبط بتدريب المرأة السعودية؟

اعتقد أن أهم ما يميز سوق التدريب هو إتاحة المجال لمن يبحث عن الفرص وعن تحقيق الأفضل؛ بغض النظر عن الجنس. وهذا ما يجعل المرأة كزميلها الرجل، سواء في سوق التدريب، أو غيره من المجالات الأخرى قادرة على خوض التحديات والحصول على التميز والقدرة على الإبداع.

  • كيف تتوقعين الاتجاهات المستقبلية للتدريب في المملكة في المستقبل القريب؟

أنا متأكدة أن التدريب في المملكة سيكون له في المستقبل طابع مختلف تماماً عن التدريب في الوقت الراهن؛ والسبب في ذلك هو الاختلاف في الطلب الذي سيفرض تغيراً في مضمون وآلية التدريب في العديد من المؤسسات التدريبية. ولعل أهم ما سيفرض التغيير في هذا المجال هو التغير الكبير والمتسارع في التكنولوجيا وعلى متطلبات سوق العمل، والذي سيؤثر على توجه الأفراد والمؤسسات في البحث عن الفرص المناسبة في التدريب. وفي اعتقادي أيضاً أن من أهم النقلات النوعية التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار، والتي من الممكن أن تؤثر على الاتجاهات المستقبلية للتدريب في المملكة هو اعتماد نظام الجامعات الجديد؛ والذي من المتوقع أن يفتح العديد من الآفاق ويحدث تغييراً كبيراً في متطلبات سوق العمل.

تمكين المرأة السعودية

  • ما أهم المحطات التي مرت بها المرأة السعودية على صعيد التمكين للمشاركة الفاعلة في الوظائف العامة وتولي المناصب القيادية؟

لا أحد يختلف على أن المرأة السعودية كانت ولازالت تحظى باهتمام كبير في مجالات التعليم والتوظيف من قبل دولتنا الرشيدة؛ ولكن يمكن القول إن الفترة الحالية هي فترة تاريخية وتغيير كبير يشمل المجتمع السعودي بجميع أطيافه، وهذا مما أسهم في بروز العديد من القيادات النسائية المتميزة على المستويين المحلي والدولي. ولعل أبرز القرارات المهمة في هذا السياق هو تعيين صاحبة السمو الملكي الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان سفيرة لخادم الحرمين الشريفين في أهم دولة في العالم وهي الولايات المتحدة الأمريكية. واعتقد أن هذا ليس هو سقف الطموح في تمكين المرأة السعودية، بل إن المستقبل ينتظر العديد من القيادات النسائية الواعدة التي ستبرز على الساحة وبصور مشرفة للبلد.

  • ما أهم ما تتسم به المرأة التي تتولي منصباً قيادياً وتختلف به عن الرجل؟

أنا شخصياً ضد تقييم المرأة أو الرجل في أي منصب أو مهمة غير التي ميزهما الله تعالى بهما من اختلافات في الصفات الخلقية. الأهم من ذلك هو أن كل من يتسلم منصباً قيادياً من امرأة أو رجل أن يٌقَيَّم كإنسان متمكن وقادر على خوض التحديات وعلى قيادة المنظمة بكفاءة وفعالية وتمكن، وأن يكون لديه جميع مواصفات القيادي الناجح والتي لا تقتصر على أي من الجنسين دون الآخر. 

​خطط التنمية الإدارية

  • إذا طُلب منك وضع خطة خمسية للتنمية الإدارية في المملكة. ما أهم البنود التي ستركزين عليها؟

بما أنني أنتمي لأحد أهم الجهات الحكومية التي كانت ولازالت تسهم بشكل رئيسي وفعال في مجال التنمية الإدارية، فأنا أرى أن خطط التنمية الإدارية يجب أن تحتوي على العديد من البنود التي من شأنها رفع كفاءة منسوبي الجهاز الإداري في الدولة. ولعل أهم هذه البنود ما يلي:

  1. الاستثمار في الثروة البشرية (الكادر الإداري)؛ عن طريق تأهيل المؤثرين من قيادات وإداريين بشكل يخدم التوجه العام للدولة.
  2. إيجاد آليات تسهم في قياس وزيادة إنتاجية الموظف بشكل فعّال يسهم في تطور الجهاز الإداري.
  3. إيجاد آليات ومبادرات تسهم في التخلص من المركزية والبيروقراطية وزيادة التمكين لذوي الكفاءة من الكادر الوظيفي.
  4. حث المنظمات على التطور ومواكبة التغيير في أجهزتها الإدارية؛ وذلك عن طريق متابعة أحدث الأساليب المستخدمة في الإدارة والتي أسهمت في تطوير ونجاح المنظمات الأخرى على مستوى العالم.
  5. زيادة الوعي بالتطوير الذاتي وحث الموظف على المبادرة؛ بتطوير نفسه وتشجيع زملاءه على مواكبة التطورات في المجالات المختلفة.
  6. تصميم البرامج والمبادرات التي تسهم في خلق جيل من الموظفين الذين يتميزون بحس عال من الرقابة الذاتية وروح المبادرة في بيئة العمل.

ثروة كبيرة

  • يعد علم البيانات في الفترة الحالية من أهم العلوم النظرية التي يعتمد عليها في دراسة القرارات قبل إصدارها وبناء مؤشرات أداء للمشاريع. كيف تقيمين ذلك؟

علم البيانات أصبح الآن محل اهتمام كبير وعلى نطاق واسع، سواء على مستوى الدول أو المنظمات وحتى على مستوى الأفراد. ويمكن القول إن البيانات-بحكم وجودها على نطاق واسع وفي متناول الجميع في المواقع الإلكترونية-تعتبر ثروة كبيرة ومنجم ضخم، بحيث لو تم استغلالها بالصورة المثلى؛ فإن ذلك سيسهم في إحداث قفزات تطويرية كبيرة في مختلف المجالات. لذلك من المهم أن تكون المنظمات التي تسعى إلى النجاح والتميز على وعي تام بأهمية ثروة البيانات وأن توظف أفضل الممارسات في تحليلها وتحويلها إلى معلومات، ومن ثم الاستفادة منها في التطوير وطرح الحلول للعديد من القضايا.

الإعلام والتحديات

  • في ظل عصر الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ما الدور المأمول من الإعلام الرقمي كي يسهم بفاعلية في تسويق المشاريع القومية وخطط الأجهزة الحكومية؟

الإعلام بشكل عام مثله مثل غيره من المجالات التي اجتاحتها ثورة التغيير الإلكترونية. وقد لاحظنا بدون شك كيف تغير جزء كبير من هوية الإعلام في فترة وجيزة، وكيف أصبح ما كان دارجاً وشائعاً في الماضي القريب، لا يكاد يذكر في الوقت الحالي. ولعلنا جميعاً استشعرنا كيف اختفى الإعلام الورقي من الساحة، وكيف حلت محله التقنيات الحديثة بكل جدارة. إن دور المعنيين بالإعلام الرقمي ليس بالسهل، والتحديات كبيرة. فالمعلومة يمكنها الانتشار على نطاق واسع في وقت قياسي؛ لذلك يجب التعامل باحترافية ومهنية ومواكبة الأخبار بموضوعية ومصداقية وذلك من أجل تحقيق الأهداف المنشودة بفعالية وكفاءة.

وكما ذكرت آنفاً، فالإعلام الرقمي له دور كبير على مستوى الدولة؛ لذلك يجب أن يكون القائمين عليه من الكفاءات المتمكنة والمؤهلة والتي لديها وعي تام بأهمية هذا الجهاز. ويظهر اهتمام الجهات الحكومية الجليّ بالإعلام الرقمي عن طريق الحسابات الرسمية لكل جهاز في مواقع التواصل الاجتماعي والتي تلعب دور البوابة الرسمية لأخبار الجهة والوسيط بينها وبين أفراد المجتمع. 

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة