المخاطر وإداراتها في المشاريع

​إدارة المخاطر من الأمور المهمة التي يجب مراعاتها في إدارة المشاريع، وهي عملية مستمرة طوال فترة حياة المشروع. وخطة إدارة المخاطر هي إحدى مكونات خطة إدارة المشروع التي يتم من خلالها تحديد الكيفية التي ستتم بها إدارة المخاطر في المشروع، ويتم بنائها من خلال مجموعة من العمليات، وقد تختلف هذه الخطة بشكل كبير من مشروع إلى آخر، وذلك اعتماداً على مجال المشروع وحجمه.

وعرفَ معهد إدارة المشاريع الأمريكي الخطر في أي مشروع من المشاريع بأنه؛ "حدث أو ظرف غير مؤكد، ينتج عن حدوثه أثر سلبي أو إيجابي على هدف المشروع"، وعليه فإن هنالك مكونين أساسيين للخطر، أولهما هو احتمال حدوث الخطر، والثاني هو أثر هذا الخطر المحتمل على النتائج. واحتمالية وقوع المخاطر تقع في نطاق أكبر من الصفر وأقل من 100%، فلو كانت قيمة احتمالية وقوع الخطر تساوي صفر فهذا يعني أن الخطر لن يقع، ولو كانت احتمالية وقوع الخطر هي 100% فهذا يعني أن الخطر سيقع لا محالة، ويصبح واقعاً يجب التعامل معه على أنه مشكلة من المشاكل.

ويجب على مديري المشاريع وضع خطة لإدارة المخاطر، يُحدد فيها-بالاشتراك مع أصحاب المصلحة-بشكل دقيق المخاطر التي من شأنها أن تؤثر على المشروع، وبيان أهمية كل منها، وتحليلها نوعاً وكماً، وما تقييم احتمالات وقوعها، وبيان تأثير كل منها على المشروع، مع تحديد الأساليب والإجراءات المستخدمة في التعامل مع تلك المخاطر؛ بما يسهم في تقليص فرص وقوعها، وتشمل كذلك مراقبة المخاطر ومحاولة السيطرة عليها من خلال تحديدها، وتصميم خطط مناسبة لتعقب تلك المخاطر ومواجهتها، بالإضافة إلى متابعة ظهور مخاطر جديدة، والعمل على متابعتها في مختلف مراحل المشروع.

وتنقسم المخاطر من حيث كونها مُعرّفة وغير مُعرّفة إلى نوعين: أولهما المخاطر المُعرّفة؛ وهذه يتم تعريفها وتحليلها ووضع الخطط المناسبة لمعالجتها حال وقوعها، وفي هذا النوع يتم تقدير تكلفة خطة الاستجابة لهذه المخاطر ووضعها في ميزانية المشروع ضمن بند احتياطي الطوارئ؛ وهذا الاحتياطي يكون تحت تصرف مدير المشروع. والنوع الآخر يتمثل في المخاطر غير المُعرّفة؛ وفي هذا النوع يتم وضع مبلغ معين من قِبل الإدارة، ويحتاج مدير المشروع إلى إذن من الإدارة لاستخدام هذا الاحتياطي.

أما أنواع المخاطر من حيث كونها سلبية أو إيجابية؛ فإن المخاطر السلبية تُعتبر تهديداً؛ لأنها قد تسهم في تأخر المشروع، أو زيادة في تكلفته؛ وهو أمر غير محبب لدى مديري المشاريع، وأصحاب المصلحة؛ لذلك يسعون إلى تلافيها أو التخفيف من آثارها. أما المخاطر الإيجابية؛ فتُعتبر فرصاً ينبغي استغلالها والحرص على تحقيقها. وتجدر الإشارة إلى أن هناك من يُطلق على السلبية "مخاطر" وعلى الإيجابية "فرص"؛ وبناء على هذا التقسيم توجد إستراتيجيات للاستجابة للمخاطر السلبية وللمخاطر الإيجابية؛ فالمخاطر السلبية يمكن منعها بإزالة مسببها أو بإحداث تغيير في خطة المشروع لتجنب وقوعها، أو التخفيف منها، أو تحويلها إلى طرف ثالث. أما المخاطر الإيجابية فيمكن استثمارها، أو تحسينها لزيادة احتمالية حدوثها، أو مشاركتها مع طرف ثالث. وهناك إستراتيجية رابعة مشتركة بينهما وهي قبول الخطر وعدم اتخاذ أي اجراء حتى حدوثه.

وأشهر مثاليين على استخدام تلك الإستراتيجيات، أولهما هو "هجوم سمك القرش عليك أثناء تصويره"-كمثال على المخاطر السلبية-والمثال الثاني على المخاطر الإيجابية هو "الحصول على مكافأة عند الانتهاء من كتابة شفرة برنامج حاسوبي قبل الموعد المحدد بأسبوعين".

فعند تطبيق إستراتيجيات الاستجابة للمخاطر السلبية كما هو في مثال "هجوم سمك عليك أثناء تصويره"، فإنك كي تتجنب وقوع الخطر، إما أن تستأجر قفصاً حديدياً لحمايتك، أو تغير خطة المشروع بإلغاء فكرة التصوير. ويمكنك التخفيف من الخطر بالسباحة مع سمك القرش ومحاولة إشغاله بما تقدم له من طعام؛ لكيلا يهاجمك، أو أن يتم نقل الخطر إلى طرف ثالث؛ بحيث يتم الاتفاق مع مصور محترف لتصوير سمك القرش. وآخرها قبول الخطر؛ بحيث لا يتم عمل أي شيء، والمجازفة بالسباحة مع سمك القرش، ويمكن استخدام بندقية ذات الرمح للدفاع عن النفس.

وعند تطبيق إستراتيجيات الاستجابة للمخاطر الإيجابية، كما في مثال "الحصول على مكافأة عند الانتهاء من كتابة شفرة برنامج حاسوبي قبل الموعد المحدد بأسبوعين"؛ فيمكنك استثمار هذه الفرصة بتعيين مبرمج محترف، أو تحسينها لزيادة احتمالية حدوثها؛ وذلك بتدريب المبرمجين لديك، أو مشاركتها مع طرف ثالث ليقوم بالعمل نيابة عنكم. وأخرها قبول الخطر وعدم عمل أي شيء وترك الفرصة تفوت.

وقد ينشأ نتيجة الاستجابة للمخاطر الأصلية ظهور مخاطر أخرى يُطلق عليها "المخاطر الثانوية"، ولا تعتبر هذه المخاطر خطرة أو كبيرة كالمخاطر الأصلية؛ إلا أنها قد تصبح كذلك إن لم يتم توقعها، وإعداد خطة مناسبة لمواجهتها؛ فبعض المخاطر الثانوية قد تحتاج إلى خطة للاستجابة لها، وذلك اعتماداً على مدى تأثيرها على هدف المشروع.​

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة