السعودية الأولى عالمياً في إصلاحات بيئة الأعمال..تحديات وتطلعات
  • د.غيتا غوبيناث: السعودية أصلحت بيئات العمل ومن الواضح أن شيئاً ايجابياً غير مسبوق يحدث في السعودية
  • د.سيميون يانكوف: التقدم الذي حققته السعودية في تحسين بيئة الأعمال يؤكد عزمها للوصول إلى اقتصاد مزدهر
  • د.محمد القحطاني: حجم ومكانة الشركات العالمية يحتم علينا أن نعيد صياغة بيئة الأعمال وتطويرها
  • د.إحسان بوحليقة: تحسين بيئة الأعمال يجلب المزيد من رؤوس الأموال والمستثمرين وتدفق الاستثمارات الأجنبية
  • د.فضل البوعينين: الانفتاح السعودي غير المسبوق ونطور بيئة الأعمال تغلب على الفساد والبيروقراطية

 

المشاركون في القضية:

  • د.إحسان بوحليقة، عضو مجلس الشورى السابق والخبير الاقتصادي
  • د.محمد القحطاني، أستاذ إدارة الأعمال الدولية والموارد البشرية بجامعة الملك فيصل
  • د."غيتا غوبيناث"، كبيرة الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي
  • د."سيميون يانكوف"، مؤسس تقرير ممارسة الأعمال، وكبير مديري الأبحاث في مجموعة البنك الدولي
  • د.فضل البوعينين، الخبير الاستراتيجي والاقتصادي

 

صنف البنك الدولي في تقريره السنوي-"ممارسة أنشطة الأعمال" الذي يقيس أداء (190) دولة من خلال 10 مؤشرات-المملكة العربية السعودية الأولى عالمياً في إصلاحات بيئة الأعمال التي تهدف لبناء المزيد من التنوع الاقتصادي، وإزالة العراقيل التي تواجه رواد الأعمال، وخلق فرص عمل أفضل، ورفع مستويات الدخل والمعيشية.

ويقوم البنك الدولي بإصدار تصنيف لاقتصادات الدول يعرف بـ"سهولة القيام بالأعمال" لقياس مدى جاذبية بيئة الأعمال من حيث ملائمة البيئة التنظيمية لانطلاق وتشغيل الأعمال أو الشركات محلياً، والمعايير المتخذة في الاعتبار هي مدى سهولة البدء بنشاط ما، والحصول على تراخيص الإنشاء، والتزود بالكهرباء، والحصول على التمويل، وحماية حقوق مستثمري الأقلية، ودفع الضرائب، والتجارة بين الحدود، وإنفاذ العقود، وتسوية حالات الإعسار أو الإفلاس، وهناك تقييم عام لكل اقتصاد باعتبار إجمالي هذه المعايير.

رؤية 2030

وفي الإطار ذاته أشار معهد واشنطن للدراسات الاستراتيجية إلى أن رؤية المملكة 2030 تعتبر خير دليل على نية السعودية إجراء إصلاحات في بيئة الأعمال. كما ذكر المعهد في تقريره الدوري أن الوقت الذي قضته الحكومة السعودية في تنفيذ إصلاحات بيئة الأعمال، وحجم رأس المال الذي أنفق عليه يحظى بأولوية قصوى لدى الدولة.

وعلى صعيد متصل أعلنت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني، وكذلك وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، عن ترقية نظرتها المستقبلية لاقتصاد المملكة إلى مستقرة، وأن الاقتصاد السعودي يسير في الاتجاه الصحيح، وأن الإصلاحات الاقتصادية التي أعلنتها المملكة بدأت تؤتي أوكلها، وأنها تشهد حاليًا حزمة غير مسبوقة من الإصلاحات الاقتصادية.

الـ 10 الأكثر تنافسية

وأوضح د.ماجد القصبي وزير التجارة والاستثمار رئيس مجلس إدارة المركز الوطني للتنافسية "تيسير" أن تقدم المملكة في تقرير بيئة الأعمال ما هو إلا تأكيد على ما تم تنفيذه من إصلاحات لتحسين بيئة الأعمال في المملكة وتعزيز تنافسيتها؛ للارتقاء بترتيبها في التقارير العالمية.

مشيراً إلى أن المملكة تعد اليوم من أبرز الوجهات الاستثمارية على مستوى العالم. ومؤكداً على أن الإنجازات التي تحققت خلال مدة زمنية قصيرة ماهي إلا البداية لمرحلة أكثر ازدهاراً ونجاحاً، وأن العمل مستمر لتحقيق أهداف رؤية 2030؛ وذلك للوصول بالمملكة إلى مصاف الدول الـ 10 الأكثر تنافسية في العالم.

تشريعات وتنظيم

ومن جانبه قال نائب وزير العمل والتنمية الاجتماعية للعمل د.عبدالله أبو ثنين، إن الوزارة تعمل على استحداث ومراجعة تشريعات تنظيم بيئة أنماط العمل الجديدة وغير التقليدية؛ كالعمل الحر والمرن والجزئي؛ وأن الوزارة تهدف من ذلك إلى أن تكون بيئة العمل متكاملة وداعمة لتوظيف السعوديين والسعوديات، وتمكينهم من فرص العمل في السوق، وأن الوزارة مستمرة في توقيع الاتفاقيات لرفع معدل التوطين في القطاعات الواعدة؛ كالقطاع الصناعي والترفيه.

نظام الشباك الواحد

وحول تصنيف البنك الدولي للمملكة بأنها الأولى عالمياً في إصلاحات بيئة الأعمال، قالت د."غيتا غوبيناث"، كبيرة الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي: "إن الاقتصاد العالمي ينمو بمعدل 3%، وإصلاحات السعودية لبيئات العمل شملت إنشاء نظام الشباك الواحد لتسجيل الشركات، واستحداث قانون للمعاملات المضمونة، وقانون إشهار الإفلاس، وتحسين حماية مستثمري الأقلية، وإجراءات لضم المزيد من النساء إلى قوة العمل، ومن الجلي أن شيئاً إيجابياً غير مسبوق يحدث في السعودية، والجميع تفهم أن من الأفضل تنويع الاقتصاد، وهذا هو بالفعل سبب الإصلاحات التي تحدث الآن؛ وسيكون لها انعكاساتها الإيجابية على الاستقرار الاقتصادي والحراك التنموي في البلاد".

اقتصاد مزدهر

وفي السياق ذاته قال د."سيميون يانكوف" مؤسس تقرير ممارسة الأعمال الصادر عن مجموعة البنك الدولي، وكبير مديري الأبحاث في مجموعة البنك الدولي: إن التقدم السريع الذي حققته السعودية في تحسين بيئة الأعمال خلال العام الماضي يؤكد على عزمها على دعم ريادة الأعمال والقطاع الخاص؛ للوصول إلى اقتصاد مزدهر وحيوي. وبالنظر إلى الإصلاحات التي نفذتها المملكة لتحسين بيئة الأعمال، فقد تم تسهيل إجراءات بدء ممارسة النشاط التجاري وأتمتها، كما تم تخفيض إجراءات إصدار تراخيص البناء وأتمتتها من خلال منصة "بلدي"، إضافة إلى تسهيل إجراءات التجارة عبر الحدود من خلال تقليص مدة فسح الحاويات في المنافذ البحرية إلى 24 ساعة والسماح أيضاً بفسحها قبل وصول السفن إلى الميناء، إضافة إلى تدشين البوابة الإلكترونية "فسح". وفيما يتعلق بإنفاذ العقود في القضايا التجارية؛ قامت المملكة بتطبيق عدد من الإجراءات التي أسهمت في تسريع عملية إنفاذ العقود، وذلك من خلال السماح برفع الدعاوى والقيد والإحالة والتبليغ والأحكام إلكترونياً، وتقليص مدة الإنفاذ في القضايا التجارية وتحديد عدد مرات تأجيل الجلسات إلى 3 مرات كحد أقصى".

إشادة أممية

وحول هذا التصنيف العالمي يقول د.فضل البوعينين، الخبير الاستراتيجي والاقتصادي: "إن الانفتاح السعودي غير المسبوق، وبيئة الأعمال والاستثمار المحلية حديثة عهد، وبدأت في التغلب على الثنائي الذي عانى منه المستثمرون السعوديون لعقود والمتمثل في الفساد والبيروقراطية إلا أن تحولاً حكومياً جاداً وواعياً يقود عملية تصحيح شاملة يفترض أن تكون قد هيأت بيئة استثمارية تتماشى وحجم الشركات القادمة، وسقف متطلبات الاستثمارات العالمية الجادة من خلال إصلاح بيئة الأعمال والاستثمار، وتحديث الأنظمة بما يتماشى وطبيعة المرحلة القادمة". وأضاف: "ما كانت الإصلاحات الاقتصادية التي اتخذتها المملكة مؤخراً لتمر دون أن تتفاعل معها المنظمات الدولية المعنية بالاقتصاد، ولم تكن الشركات العالمية لتتسابق للحصول على تراخيص الاستثمار في المملكة؛ إلا وقد أيقنت تلك الشركات يقيناً لا يساوره الشك في أن السياسات الاقتصادية السعودية الجديدة تسير في الاتجاه الصحيح، فقد أشادت منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد"، "بالإجراءات التي اتخذتها المملكة في إطار تسهيل إجراءات الاستثمار".

الاستثمارات الأجنبية والعالمية

ويلتقط أطراف الحديث د.محمد القحطاني، أستاذ إدارة الأعمال الدولية والموارد البشرية بجامعة الملك فيصل، مؤكداً على أهمية بذل مزيد من الجهود لتطوير الأنظمة والتشريعات بما يتماشى وحجم الاستثمارات الأجنبية والعالمية المتوقع قدومها للمملكة، وقال: "يجب تحديث الأنظمة والتشريعات بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030".

وأضاف: "إن حجم ومكانة الشركات العالمية التي منحت تراخيص للاستثمار في المملكة؛ يحتم علينا أن نعيد صياغة بيئة الأعمال، وتشريعاتنا الخاصة ببيئة الاستثمار وتطويرها، ويجب أن نسابق الزمن حتى يتم اصلاح الأنظمة وتهيئة بيئة الأعمال لقدوم المستثمر العالمي؛ بغية صناعة بيئة استثمارية مستقرة وجاذبة للاستثمار، وأنا متأكد من أن جميع وزارات الدولة المعنية بكافة تخصصاتها تعي تماماً العوائق التي تحد من جلب الاستثمارات الأجنبية، ولديهم مفاتيح الحلول".

إصلاحات

وحول تصنيف البنك الدولي، قال د.إحسان بوحليقة، عضو مجلس الشورى السابق والخبير الاقتصادي: "إن الدول التي تسعى إلى استقطاب الاستثمارات تعمل على تحسين بيئة الأعمال والاستثمار؛ بغية جلب المزيد من رؤوس الأموال والمستثمرين، والمملكة اليوم نجحت في تحسين بيئة الاعمال والاستثمار، وازاحة المعوقات التي يمكن أن تحد من تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى المملكة، أو تلك التي قد تعيق من نمو وتوسع استثمارات المواطنين".

وأضاف: "لا شك في أن بيئة الأعمال أرتقت إلى مستويات عالية، وهذا التصنيف يعد شهادة دولية لما تقوم به المملكة من جهود، لكنها تحتاج إلى إصلاحات كثيرة فهناك بعض الأنظمة والتشريعات التي تحتاج إلى تحديث من الجهات المعنية، وبعضها قد أعلن عنه بالفعل، وما يهم رجل الأعمال والمستثمر هنا أن يكون دخوله إلى السوق سلساً، وكذلك خروجه من السوق، وأن تطبق إجراءات التنافس وحماية المنافسة، وفي المملكة اليوم مجلس للمنافسة، ولكن يجب أن يكون أكثر صرامة، والرهان اليوم على سلاسة الأنظمة والتشريعات المعنية، وأن تكون جاذبة وليست طاردة، ولذلك كلما كانت الإجراءات الحكومية المعنية بمنح التراخيص سلسة ومرنة وواضحة سيكون ذلك قفزاً على العوامل السلبية التي تحد من الاستثمار، كذلك فإن شفافية العمل في الجهات الحكومية المعنية بالاستثمار شرط أساسي لمنع الفساد، كما أن المحاسبة والصرامة في مواجهة الفساد سيعزز من البيئة الاستثمارية بشكل مباشر".

وقال د.بوحليقة: "إن العامل الأهم الجاذب للاستثمارات العالمية هو مدى جاذبية بيئة الأعمال والاستثمار، والمتمثل في الربحية المتوقعة للشركات التي تزمع الاستثمار في بلد ما، وهذا العنصر يعد المحرك الرئيسي الجاذب للشركات العالمية للاستثمار في أي بلد، ولذلك تعد جدوى الاستثمار لدى الشركات في المرتبة الأولى متجاوزة الوضع الاقتصادي أو حتى السياسي في ذلك البلد، ولذلك رأينا كيف أن بعض الشركات العالمية اتجهت للعمل في بيئات حروب ونزاع مثلما رأينا في بعض الدول الأفريقية أو في العراق، لذلك يجب أن نرسم صورة ذهنية واضحة تعكس جدوى الاستثمارات في المملكة، وكذلك من الأهمية بمكان في مسألة جلب الاستثمارات في الجانب التشريعي أن يكون لدينا أنظمة واضحة ومعلنة وسهلة، وأن يتم اشهارها، وفي مسألة بيئة الأعمال والاستثمار، يجب علينا أن نكيف قوانين خاصة في مسألة تلك الاستثمارات، وأن تكون مرحلية، ثم بعد ذلك يمكن تطويرها أو دمجها مع الاستثمارات العادية".

وحول الحاجة للمزيد من الأنظمة والتشريعات الحكومية المؤثرة في تهيئة البيئة المحلية للأعمال للاستثمارات الأجنبية، قال د.بوحليقة: "لقد قطعنا خطوات إيجابية مهمة في طريق تحسين بيئة الأعمال، ويجب أن نراجع كثيراً من الأنظمة الحكومية في هذا المجال، وخاصة قوانين المشتريات الحكومية؛ حيث أن هذه المشتريات مغرية، وهي الفاتورة الأعلى في البلاد، وبعض المستثمرين يدخلون للاستثمار في المملكة بغية الظفر بجزء من هذه المشتريات، ولذلك هناك حاجة ماسة للتدقيق على عقود المشتريات الحكومية؛ بغية أن تكون في حالة إيجابية وتسهم في الشفافية وتحسين بيئة الاستثمار، ولابد من تطبيق مبدأ المقاسات بالأنظمة في الاقتصاديات التي نجحت، وأن نستخدم قوانين وأنظمة تجارية وحكومية نجحت في دول تماثلنا في الهيكل الاقتصادي، حتى نخرج من الاجتهادات والمحاولة والخطأ؛ لأن تلك الاجتهادات في وضع الأنظمة.

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة