التدريب الإداري الموجه بالأداء..تحقيق الكفاءة والوصول للقمة

  • 5 متطلبات حتى يزيد هذا التدريب من الإنتاجية والأداء التنظيمي وخلق اتجاهات إيجابية وتوضيح السياسات العامة
  • تنفيذه في ضوء الحاجات الفعلية للعمل يضمن تحقيق الأهداف المؤسسية والإستراتيجية للمنظمات
  • الاحتياجات التدريبية منه تتحدد في رفع مستوى الأداء ومعدلاته لنفس الوظائف وللعاملين الجدد وللوظائف الأعلى


التدريب الإداري ركيزة مهمة ضمن منظومة التنمية الإدارية التي تستهدف في نهاية المطاف تجويد الأداء والوصول من خلاله لمستويات قياسية، ولذلك فلم يكن من المستغرب أن نجد باحثي وخبراء عالم الإدارة يولونه عنايتهم الخاصة، والتركيز دائماً على سبل تطويره وابتكار طرق وأساليب وأنواع متنوعة منه تتناسب مع ظروف ومقتضيات الوظائف والمنظمات في البيئة الإدارية التي تتواجد فيها؛ لكنها جميعاً تضع نصب أعينها الأداء والارتقاء به. ويعد التدريب الإداري الموجه بالأداء أحد أهم هذه الأنواع؛ فهو اتجاه معاصر يلبي الطموحات المستقبلية للمنظمات، ويتجاوز مفهوم التدريب التقليدي، وينظر إلى متطلبات الوظائف والاحتياجات التدريبية من مهارات وخبرات ومعلومات، ويُعنى بمشاكل معينة وموضوعات خاصة لجهة/لجهات محددة ولنشاط/لأنشطة بعينها؛ من أجل التطوير الإيجابي للأداء. في هذا التقرير نسلط معكم الضوء على أبعاد التدريب الإداري الموجه بالأداء، ومفهومه، وفوائده، ومتطلباته، ومراحله.

نستهل هذا التقرير بالتأكيد على أن التدريب الإداري الموجه بالأداء يمثل استجابة واقعية لما فرضته الظروف والمتغيرات المعاصرة على بيئة العمل الإداري، وتظهر آثاره الإيجابية على المنظمات من خلال تحقيق الأهداف المؤسسية والإستراتيجية؛ نظراً لأنه يتم تنفيذه في ضوء الحاجات الفعلية للعمل.

كفاءة عالية

ووفقاً لذلك، يرى د.حسين الغراب في معرض حديثه عن "الاتجاهات العالمية في التدريب" أن التدريب الموجه بالأداء يتميز بالتركيز على الإنتاجية ومعرفة مدى تأثيره على أداء العاملين من حيث تزويدهم بمهارات وقدرات جديدة؛ لتحقيق جودة الأداء ولذلك فإنه يتجاوز مفهوم التدريب التقليدي. ويتميز التدريب الإداري الموجه بالأداء بخصائص جعلت منه نموذجاً تدريبياً يتماشى مع المتطلبات المستقبلية؛ كونه يربط التدريب بحاجات الأداء ومتطلبات العمل وطموحات المنظمة. فالتدريب المنسوب إلى معايير الأداء وبيئة العمل هو التدريب الذي يصمم وينفذ ويقيم وفقاً للاحتياجات المطلوبة وتوضع له معايير لقياس مدى تحقيقه لأهدافه في رفع كفاءة العاملين وتحسين إنتاجيتهم؛ الأمر الذي يسهم في تحقيق أهداف التنظيم ورسالته وتطلعاته.

ويلفت د.الغراب إلى أن التدريب الموجه بالأداء يقوم بشكل رئيسي على تزويد المتدربين بالمعلومات والمهارات والاتجاهات التي تساعدهم على أداء واجبات ومهام الوظائف التي يشغلونها بكفاءة عالية، ويهتم بالنتائج المرجوة من التدريب ويتفق مع احتياجات العمل في المؤسسات وينجح من خلال التعاون والمشاركة الفعالة والإيجابية بين المسئولين عن التدريب والمدربين من جهة والمسئولين عن العمل من جهة أخرى، من خلال التعاون بين الطرفين في تحليل الأداء الوظيفي والمؤسسي والتعرف على الفجوات أو الانحرافات بين ما يجب أن يكون من أداء وبين ما هو كائن فعلاً، وتحديد مواطن القوة والضعف، ومعرفة الأسباب التي أدت إلى هذه الانحرافات من خلال استخدام مؤشرات واضحة وسهلة لقياس الأداء، ثم العمل على تحديد الاحتياجات التدريبية، اعتماداً على الانحرافات والمتطلبات في الأداء.

الاحتياجات التدريبية

ويهتم التدريب الإداري الموجه بالأداء بالاحتياجات التدريبية، وهو ما نستوضحه من كتاب "التدريب المؤثر في العمل" للمجموعة العربية للتدريب والنشر، والذي يؤكد على وجوب دراسة الاحتياجات التدريبية بدراسة ما يجب أن يكون عليه الفرد من مهارات وخبرات ومعلومات يتم تحديدها وعلى أهداف المنظمة الحالية والمستقبلية ومدى قدرة الأفراد الحالية على تحقيق هذه الأهداف، وما هذه التغيرات المطلوبة في أداء الأفراد للوصول إلى الأداء المرغوب الذي يحقق أهداف المنظمة، هذا ما نطلق عليه الاحتياجات التدريبية، وتتمثل هذه الاحتياجات في المعادلة الآتية:

الأداء الحالي + الاحتياجات التدريبية = الأداء المعياري

تتمثل الاحتياجات التدريبية في إحدى النقاط التالية أو أكثر، وهذه النقاط هي:

  • رفع مستوى الأداء ومعدلاته (لنفس الوظائف).
  • رفع مستوى الأداء ومعدلاته في وظائف أعلى.
  • رفع مستوى الأداء ومعدلاته للعاملين الجدد.
  • وتتحدد الاحتياجات التدريبية من خلال التوصيف الوظيفي لكافة الوظائف القائمة بالمنظمة من تحديد واجبات وقدرات وخبرات.

3 فوائد

وبالرغم مما للتدريب بصفة عامة من فوائد عديدة؛ إلا أن بعض الخبراء والأكاديميين يركزون على عدد من هذه الفوائد التي تتفق أكثر مع طبيعة التدريب الإداري الموجه بالأداء. حيث يشير كل من: د.ضرار العتيبي، ود.يسن الطاهر في بحثهما المعنون: "أثر إستراتيجيات التدريب على أداء الموظفين بمصرف الراجحي-أبها" إلى أهمية التدريب وفوائده من ثلاثة جوانب رئيسية هي:

أ.    زيادة الإنتاجية والأداء التنظيمي من خلال الوضوح في الأهداف، وطرق العمل وانسيابه، وتعريف العاملين بما هو مطلوب منهم، وتطوير المهارات لديهم لتحقيق الأهداف التنظيمية المطلوبة ويسهم في توحيد أهداف الأفراد العاملين وربطها بأهداف المنظمة.

ب.  يسهم في خلق اتجاهات إيجابية داخلية وخارجية نحو المنظمة، ويسهم في انفتاح المنظمة على المجتمع الخارجي؛ وذلك بهدف تطوير برامجها وإمكانياتها وتجديد المعلومات التي تحتاجها لصياغة أهدافها وتنفيذ سياساتها.

ج.  يؤدي إلى توضيح السياسات العامة للمنظمة وتطوير أساليب القيادة وترشيد القرارات الإدارية وبناء قاعدة فعالة للاتصالات الداخلية.

5 متطلبات

ويحدد كل من: د.فيصل الخميس، ود.خالد عفيفي في ورقتهما العلمية بعنوان: "الاتجاهات المعاصرة في التدريب الإداري 5 متطلبات لتنفيذ برامج التدريب الموجهة بالأداء، وهي:

  1. لا بد من تصنيف وتعريف وتحليل مسئوليات وواجبات ومهمات وأداء لكل وظيفة قائمه بالمنظمة.
  2. تقويم الأداء الوظيفي المنفذ فعلاً، وخاصة للإدارات والوظائف التي نرى أنها من الممكن أن تكون بحاجه للتدريب.
  3. الاستعانة بمتخصصي التدريب لدراسة الأداء الوظيفي وتقويمه؛ بهدف الوصول إلى الاحتياجات التدريبية.
  4. الرجوع إلى مديري الإدارات ورؤساء الأقسام ومشرفيها والمنفذين ومشاركتهم في تصميم البرامج التدريبية وإعدادها؛ حتى تؤدي هذه البرامج الغرض منها بناءً على المعايير والمقاييس الموضوعة لقياس الأداء؛ حتى يسهل تقويم فعالية التدريب ومعرفة آثاره على المنظمة وإلى أي مدى كانت فعاليات التدريب وإيجابياته.
  5. إجراء المقارنة بين الأداء المعياري والأداء الحالي المنفذ "بعد تنفيذ التدريب "ومعرفة الناتج بأننا لسنا في حاجه أخرى للتدريب؛ إذن فقد أدى التدريب فعالياته، وإذا كانت النواتج سلبية فيتم إعادة الخطوات من (1-4) مرة أخرى.

مراحل مهمة

ويلخص د.صهيب مصطفى في مقاله "التدريب الموجه بالأداء والدور المنشود في تحسين الأداء المؤسسي" على موقع "المنظمة العربية للتنمية الإدارية" على الإنترنت بقوله: "لابد لمنظمات الأعمال في سبيل تطبيق التدريب الموجه بالأداء أن تبدأ بتحليل عملياتها الإجرائية؛ لتوفير البيانات اللازمة لتصميم البرامج التدريبية والعمل على ربطها بالأداء المؤسسي والفردي، لتبدأ بعد ذلك مرحلة تحديد الاحتياجات التدريبية المستندة للأوصاف الوظيفية ومتطلبات الوظائف الفعلية وواجباتها ومسؤولياتها.

وبعد أن يتم العمل على التصميم الفعلي للبرامج التدريبية وإعداد الحقيبة التدريبية ووضع الأهداف التدريبية والتخطيط لإجراءات الدعم اللوجستي للبرنامج وتقييمه، تبدأ عملية تنفيذ البرامج التدريبية بهدف التأثير الإيجابي على الأداء الفردي للمتدربين بإكسابهم المعارف والمهارات والتوجهات اللازمة لتمكينهم من أداء المطلوب منهم وتحقيق الأداء الإيجابي على المستوى المؤسسي.

وتأتي مرحلة تقييم ما تم تنفيذه من تدريب وفقاً لانعكاس أثره إيجاباً أو سلباً على الأداء الفردي ونتيجة الأعمال المؤسسية؛ ليتم مراجعة الانحرافات في التدريب والعمل على تلافيها مستقبلاً ومواطن القوة والعمل على تعزيزها. وبهذه المرحلة يظهر جلياً تكاملية منظومة التدريب الموجه بالأداء ودورها في تحقيق التحسين المنشود في الأداء المؤسسي".

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة