أبرز تحديات تواجه الأجهزة الحكومية في تنفيذ مبادرات برامج رؤية 2030
  • ​البروفيسور روبرت كابلان: النقص في الكوادر القيادية وعدم القدرة على قياس الأداء بفعالية يشكلان أبرز التحديات
  • د.عبدالوهاب أبوداهش: لا يمكن تحقيق المبادرات الضخمة التي تضطلع بها كل وزارة بدون آلية تمويل قوية
  • م.عبدالعزيز العبودي: رغم التحديات هناك إصرار من الدولة على تطبيق البرامج وتشكيل فرق متابعة ومراقبة
  • د.عبدالله المغلوث: من المهم انتهاج الشفافية وعدم التهاون مع تحديات الفساد المالي والإداري في الأجهزة الحكومية
  • د.سالم الزمام: هناك الكثير من التحديات التي ستواجه هذه الرؤية في الجانب الإداري وغيره وكلها مترابطة

 

المشاركون في القضية:

  • البروفيسور روبرت كابلان الخبير في إستراتيجيات إدارة الأعمال وأستاذ الإدارة في جامعة هارفارد
  • د.عبدالوهاب أبو داهش، أكاديمي وخبير اقتصادي.
  • المهندس عبدالعزيز العبودي مستشار صناعي وعضو باللجنة الصناعية بمجلس الغرف سابقا
  • د.عبدالله المغلوث الأكاديمي، عضو الجمعية السعودية للاقتصاد
    • د.سالم الزمّام مستشار إداري واقتصادي، ورئيس مركز الدراسات الاقتصادية

     

     

    أرست رؤية المملكة 2030 وبرامجها ومبادراتها المتنوعة الأهداف الإستراتيجية التي تستلهم منها أجهزة الدولة خطط العمل المختلفة لإنجاز هذه الأهداف؛ فهذه الرؤية المباركة تستشرف مستقبل هذا الوطن انطلاقاً من مقوماتنا الثرية، ليس فقط على المستوى الاقتصادي، بل على كافة المستويات، وخاصة مواردنا البشرية. وبالرغم مما يتوقعه الخبراء والمتخصصون من وجود بعض التحديات التي ستواجه هذه الرؤية وبرامجها ومبادراتها؛ إلا أنهم يؤكدون على أنها ستحقق أهدافها-بإذن الله-لأنها تنطلق من ثوابت ومقومات راسخة، وقيادة رشيدة-يرعاها الله-حازمة وعازمة على مواجهة مثل هذه التحديات وتذليلها. لذلك توجهنا إلى الخبراء والمتخصصين لنتعرف منهم على هذه التحديات وحدودها، وإليكم التفاصيل.

    3 تحديات

    حول أبرز التحديات التي تواجه الأجهزة الحكومية في تنفيذ مبادرات برامج رؤية المملكة 2030، يقول الأكاديمي والخبير الاقتصادي د.عبدالوهاب بن سعيد أبوداهش، أن هناك 3 تحديات متى استطعنا تجاوزها أو وضع آلية قوية وواضحة لتحقيقها؛ فإن الوصول إلى تحقيق الرؤية الحلم سيكون واقعاً. ويمكن عرض هذه التحديات في التالي:

    أولاً: التمويل: لا يمكن تحقيق المبادرات الضخمة التي تضطلع بها كل وزارة بدون آلية تمويل قوية، فمع كل هدف نريد تحقيقه هناك أموال طائلة لتحقيقها؛ فوزارة الإسكان-على سبيل المثال-ولبناء 100 ألف وحدة سكنية تحتاج إلى تمويل يصل إلى 70 مليار ريال سنوياً. وحسب الرؤية السعودية فإن ذلك سيكون من الرسوم وقروض البنوك والقطاع الخاص والمستثمر الأجنبي، وبعيداً عن التمويل الحكومي الذي سيتراجع بتراجع النفط (الذي تهدف الرؤية إلى تحييده)؛ فإن البنوك والقطاع الخاص السعودي لن تستطيع توفير هذه المبالغ في ظل ضعف القاعدة الرأسمالية للبنوك وتراجع الودائع جراء انخفاض النفط وتراجع الإنفاق الحكومي، مع الارتفاع المتسارع لأسعار الفائدة؛ لذا فإن الاستعانة بالاستثمارات الأجنبية مهم جداً للحصول على تمويل أكبر وتقنية أعلى في نفس الوقت. وعلى ضوئه يأتي التحدي الثاني.

    ثانياً: جذب الاستثمارات الأجنبية: لسنا السوق الوحيدة في العالم التي يتنافس عليها المستثمرون الأجانب. فالمستثمر الأجنبي يضخ رؤوس أمواله في البيئة التشريعية الأكثر شفافية وتنافسية، والأكثر انفتاحاً والأسهل في إجراءات تراخيص الأعمال. وهو الأمر الذي لم نصل بعد فيه إلى المستويات المأمولة؛ لذا فإن أمامنا تحديات ضخمة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية، فمع توقيع الكثير من مذكرات التفاهم مع مستثمرين أجانب فإن الكثير منهم يصطدم عند قدومه الفعلي للتنفيذ بكثير من العوائق البيروقراطية مع مصاعب في البنية اللوجستية والتحتية. لذا فإن الرؤية السعودية 2030 تتطلع إلى تبسيط الإجراءات البيروقراطية وإنشاء مناطق حرة في حرم المطارات المترامية الأطراف، وسيطال ذلك مركز الملك عبدالله المالي والمدن الاقتصادية. وحسب دراسة "ماكينزي" فإننا نحتاج إلى 4 آلاف تريليون دولار من الاستثمارات الأجنبية، في وقت لم نتجاوز رقم الأحاد في استقطاب الاستثمارات الأجنبية في 2015م، ما يجعل التحدي كبير جداً في جعل السعودية ملاذاً مفضلاً للاستثمارات الأجنبية.

    ثالثاً: الكفاءة الإدارية: ويضيف د.عبدالوهاب أبوداهش: "تتمثل تلك الأجهزة في الوزارات والمؤسسات الحكومية التي تحتاج إلى إعادة هيكلة في بنيتها أولاً قبل تجهيزها للدخول في معترك الرؤية السعودية 2030. فالبيروقراطية السهلة تحتاج إلى أجهزة بيروقراطية كفؤة وفعالة وغير متخمة بالموظفين والأنظمة واللوائح التي تملأ الأرشيف والمتراكمة في ذهنية الموظف الحكومي منذ سنين طويلة. ورغم أن برنامج التحول الوطني مر بورش عمل استمرت 8 أسابيع لموظفي الحكومة، فإن التحدي الذي لا يدركه الكثير ممن استعرضوا المبادرات الخاصة بوزاراتهم، هو آلية عمل الـ BOT (البناء، والتشغيل، والتحويل) التي تريد الرؤية تبنيها في تمويل معظم مشروعاتها. ناهيك عن أن ليس لديهم تصور عن حجم التمويل المطلوب في بعض المبادرات، وآلية التسعير والتمويل، ما يشير إلى أن تحول المشروعات وتمويلها إلى صيغ شراكة محلية-أجنبية وبطريقة البناء والتشغيل ومن ثم التحويل؛ سيكتنفها الكثير من المصاعب في ظل غياب الكفاءات التمويلية والإدارية في الأجهزة الحكومية".

    ويقول د.عبدالوهاب أبوداهش: "باختصار، فإن الرؤية السعودية 2030 يمكن تحقيقها إذا استطعنا تجاوز وإزالة العقبات أمام التحديات الثلاثة؛ وإلا فإننا قد نصاب بخيبة أمل. لكن الأمل يظل قائماً في التحول الكبير الذي أتلمسه في التعليم العالي للشباب السعودي القادم للعمل بتوثب، وقدرة الحكومة في سرعة إحداث التغيير الذي لمسناه منذ تولي الملك سلمان-يحفظه الله-مقاليد الحكم".

    أهداف موزونة

    ومن جانبه أوضح المهندس عبدالعزيز صالح العبودي مستشار صناعي وعضو باللجنة الصناعية بمجلس الغرف سابقاً، أن برامج رؤية المملكة 2030 بُنيت على أهداف موزونة، لتحقيقها.

    وقال المهندس العبودي: "إن البرامج تحتوي على مجموعة مبادرات تحفيزية، وتشكيل فرق متابعة لتطبيقها ومعالجة الملاحظات بها، وهو ما يعد دليل شفافية ووضوح في تنفيذ هذه البرامج". كما ذكر أن متابعة التقييم على الأداء سيكون حليفاً للنجاح، وأضاف: "هناك إصرار من الدولة على تطبيق البرامج والدليل تشكيل فرق متابعة ومراقبة إضافة إلى اطلاقها بشكل واضح للجميع".

    وفيما يخص القطاع الصناعي، قال العبودي: "إن تطوير الصناعة والخدمات اللوجستية هو ما كانت تأمل فيه الدولة؛ فوجود آلية لتطوير الصناعة ومتابعتها وتذليل المعوقات والنهوض بها، من أهم الخطوات التي اهتمت بها الدولة للنهوض بها وجعلها رافداً اقتصادياً للبلاد، إضافة إلى أن الدولة أعطت اهتماما للجانب البشري، حيث خصصت برنامجاً لتعزيز الشخصية السعودية وتحسين نمط الحياة؛ حتى يزداد إنتاج المجتمع والاعتزاز بالهوية الوطنية.

    وأشار إلى أن البرامج تعتبر خطوة عملية في تحقيق أهداف رؤية 2030، كما أن تحديد استراتيجيات وبرامج واضحة يعد أفضل من طرح مئات المبادرات؛ حيث إن التركيز على برامج معينة يعزز إمكانية التنفيذ والتطبيق أكثر من طرح مجموعات كبيرة يكون من الصعب تطبيقها، فالبرامج ركزت على القطاع المالي والسوق المالية وتنوع المنتجات بها، وهو ما تحتاجه السوق من طرح منتجات جديدة وتطوير القائمة، كما أن القطاع الصناعي له إستراتيجية واضحة لزيادة الإنتاج المحلي التي تعد هدفاً وطموحاً، إضافة إلى الجوانب الأخرى كتنشيط المجتمع وزيادة الحراك الإنتاجي والترفيهي والثقافي.

    وأوضح المهندس العبودي أن العمل على هذه البرامج يعتبر السبيل لتحقيق الأهداف المرجوة، وأن أهم ما يحقق الأهداف المأمولة يأتي من خلال الآلية التي وضِعت والجهات المتابعة والأجهزة الداعمة لها ما يعتبر خطوة عملية لتفعيل وتنفيذ وتحقيق رؤية 2030.

    5 مسارات أساسية

    من جهته أكد د.عبدالله المغلوث الأكاديمي، وعضو الجمعية السعودية للاقتصاد، أهمية برامج رؤية 2030 في المرحلة المقبلة لتسريع نمو الاقتصاد، حيث إن هذه البرامج سوف تشكل خطوة إيجابية نحو الاقتصاد السعودي.

    وأشار إلى أن تلك البرامج تساعد على تسهيل وتطوير الاقتصاد، كما أنها تسهم في التنمية المستدامة وتوفير فرص استثمارية واعدة، فضلاً عن رخاء وتحسين معيشة المواطن.

    وقال المغلوث: "إن البرامج متماسكة ومترابطة وتعزز بيئة العمل وتحسين الاستثمار، مفيداً بأن وضع إجراءات وآليات للتطبيق يعد منظومة عملية ناجحة، وأن المواطن هو محور التنمية بل الهدف الأساس، والاقتصاد السعودي بحاجة إلى تلك البرامج؛ لتنشيط وتنويع مصادر الدخل والخصخصة وزيادة الاستثمارات الأجنبية داخل المملكة وتوليد الفرص الوظيفية من خلال 5 مسارات أساسية:

    1-انتهاج الشفافية من خلال عدم التهاون أو التسامح مع الفساد المالي والإداري، والاستفادة من أفضل الممارسات العالمية؛ لتحقيق أعلى مستويات الشفافية والحوكمة الرشيدة في جميع القطاعات.

    2-المحافظة على الموارد الحيوية في مجال الموارد الغذائية بمواصلة بناء مخزونات إستراتيجية بمستويات آمنة ومستدامة، إضافة إلى بناء شراكات زراعية إستراتيجية مع الدول الغنية بالموارد الطبيعية الزراعية المتجددة بما يحمي الموارد المائية السعودية الشحيحة.

    3-دعم قنوات التواصل بين الأجهزة الحكومية والمواطن والقطاع الخاص.

    4-الالتزام بكفاءة الإنفاق والتوازن المالي دون فرض أي ضريبة على الدخل أو الثروة أو السلع الأساسية على المواطن، حيث يتم تحقيق التوازن المالي بتنويع مصادر الإيرادات وتنظيمها وإدارة الموازنة العامة بصورة رشيدة، مع العمل على تعزيز كفاءة الإنفاق العام.

    5-دعم المسارات بالاستمرار في رفع كفاءة وفاعلية وسرعة الحكومة في اتخاذ القرار لتكون أكثر مرونة في مواكبة متطلبات الرؤية وتحقيق أولوياتها بالحد من الهدر المالي والإداري.

    تحديات مترابطة!

    أما د.سالم الزمّام مستشار إداري واقتصادي، ورئيس مركز الدراسات الاقتصادية، فيرى أن التحديات التي تواجه برامج ومبادرات رؤية 2030 بشكل عام، هي:

    1. أهمية عدم اشغال أفراد مجتمع وحكومة التحول الاقتصادي بالأحداث السياسة؛ فقد فشلت عدة دول لاتينية، ونجحت دبي وماليزيا وسنغافورة في عملية تحولها عندما عزلت ملفات التنمية عن الأمور السياسية.
    2. وجود قوة في المركز المالي "مركز الاقتصاد الكلي".
    3. التوازن بين الاستثمار الخارجي والمحلي.
    4. التدريب والتأهيل، والمنح الدراسية، وتوظيف للشباب السعودي.
    5. كفاءة سوق العمل المتطلب للتحول المستهدف.
    6. تأخر ظهور نتائج ومخرجات التحول على مستوى أفراد المجتمع.

    ويضيف د.الزمام: "هناك الكثير من التحديات التي ستواجه هذه الرؤية في الجانب الإداري وغيره، وكلها مترابطة مع بعضها بكل تأكيد، فالتخطيط والرؤية والطموحات والآمال شيء، وتنفيذها وترجمتها على أرض الواقع المحلي والإقليمي والعالمي شيء آخر".

    6 تحديات

    ويحدد البروفيسور "روبرت كابلان" الخبير في إستراتيجيات إدارة الأعمال وأستاذ الإدارة في جامعة هارفارد، 6 تحديات تواجه تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 تتمثل في:

    1-الاهتمام بتطوير قدرات الكوادر البشرية.

    2-إيجاد الحلول الملائمة لمواجهة التحول الاقتصادي.

    3-الاعتماد على المعرفة للوصول إلى النجاحات المطلوبة.

    4-التعامل الجاد من قبل الموظفين لانجاز المهام المطلوبة.

    5-متابعة المكاتب المعنية بالدوائر المختلفة أهداف الإستراتيجية.

    6-الوصول بالأهداف المرجوة في الزمن المحدد لها.

    وقال البروفيسور "روبرت كابلان": "القطاع الخاص ينتظره دور مهم في المرحلة القادمة ويجب أن يكون فعالاً وأن يتولى زمام المبادرة وأن يكون شريكاً فاعلاً في تنفيذ الرؤية، مبيناً أن النقص في الكوادر القيادية، وعدم القدرة على قياس الأداء بفعالية؛ يشكلان أبرز التحديات التي تواجه تنفيذ إستراتيجية الرؤية، مع أهمية الاهتمام بتدريب ورفع قدرات ومهارات الموارد البشرية".​

     
    جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة