الذوق العام والردع بالنظام

الذوق العام هو مجموعة السلوكيات والآداب التي تعبر عن قيم المجتمع ومبادئه وهويته بحسب الأسس والمقومات المنصوص عليها في النظام الأساسي للحكم. هذا التعريف جاء في لائحة الحفاظ على الذوق العام الصادرة من مقام مجلس الوزراء الموقر في شهر شعبان 1440هـ.

فقد أوجبت المادة الثالثة من اللائحة على كل من يكون في مكان عام احترام القيم والعادات والتقاليد والثقافة السائدة في المملكة. فيما نصت المادة الرابعة على أنه لا يجوز الظهور في مكان عام بزي أو لباس غير محتشم. أو ارتداء زي أو لباس يحمل صور أو أشكال أو علامات أو عبارات تسئ للذوق العام. وأكدت المادة الخامسة على عدم جواز الكتابة أو الرسم أو ما في حكمهما على جدران مكان عام، أو مكوناته، أو موجوداته، أو أي من وسائل النقل. وشددت المادة السادسة على أنه لا يسمح في الأماكن العامة بأي قول أو فعل فيه إيذاء لمرتاديها، أو إضرار بهم، أو يؤدي إلى إخافتهم أو تعريضهم للخطر. 

وأسندت اللائحة لوزارة الداخلية بالاشتراك مع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني والجهات الأخرى ذات العلاقة تحديد جهات الضبط الإداري المعنية بتطبيق اللائحة، وكذلك تصنيف المخالفات وتحديد الغرامات المالية المقابلة لكل منها.  

وجاء صدور هذه اللائحة ليضع حداً للتجاوزات التي نراها تُمارس بشكل واسع في الأماكن العامة، ومنها الدوائر الحكومية، حيث دأب البعض على الخروج للأماكن العامة كالمساجد والحدائق والمتنزهات والأسواق، أو بعض المرافق كالمطارات والمستشفيات بلباس غير لائق. إما أن يكون رث، أو يكون غير ساتر، أو به صور أو أشكال أو عبارات أو علامات مسيئة. ذلك أنه من حق الإنسان في هذه الأماكن أن يرى مناظر غير مؤذية، وأن تُحترم مشاعره، بعدم مشاهدة صور أو عبارات غير لائقة في ملابس أي مرتاٍد لتلك الأماكن. كذلك من حق أي أنسان أن تُحترم ذائقته البصرية والسمعية وألا يسمع عبارات بذيئة تصدر من أحد، أو ارتفاع أصوات لمجموعات أو صراخ، أو حتى رفع صوت الأغاني والموسيقى.

من الجميل أن تضبط كل السلوكيات المجتمعية بنظام واضح، وألا يُترك الأمر منفلتاً، اعتماداً على أن قيم المجتمع هي الرادع. فمع التطور والتحولات المجتمعية؛ بات من الضرورة الحفاظ على الذوق العام بنظام يحمي كل الأطراف المشتركة في تكوين المجتمع، ويجعل المخالف أمام عقوبات ونصوص نظامية تحاسبه على تجاوزه.

إن النظام عندما يسود يشعر الجميع بالأمان والاطمئنان واحترام الذات، وأن الحقوق محفوظة ومصانة لا يعتدي عليها أحد بما فيها حق النظر والسمع، فلا يؤذيه في سمعه ولا بصره كائن من كان. ومما يؤسف له أن الأماكن المقدسة لم تدفع البعض كونها بيوت لله لأن يلبسوا فيها أجمل الملابس استجابة لقوله تعالى "يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد". بل لبسوا أسوأ الملابس، ففضلاً عن عدم الاستجابة لأمر الله تعالى، فهم يؤذون المصلين بمناظر غير لائقة!! ومن المؤسف أن تكون استجابة البعض للأنظمة والقوانين أكبر من استجابتهم لأوامر الله. فهو مسلم، ولكنه لا يرتدع بما في الدين من قيم سامية وأوامر ربانية عن الكذب والزور وأكل المال بالباطل وإيذاء الآخرين؛ إلا إذا ردعه القانون والنظام. 

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة