إدارة المسار الحرج..الأداء تحت ضغط الوقت والتكلفة
  • ​مسار يربط بين الأنشطة التي بلا وقت فائض وأي تأخير في إنجاز الأنشطة الحرجة يؤدي إلى تأخير تنفيذ المشروع الكلي
  • ابتكره "كيلي" و"ووكر" الأمريكيان عام 1957م وطبقته "فورد" و"بل" و"جنرال موتورز"
  • الهدف الرئيسي هو تزويد الإدارة بأسلوب فني شامل للتخطيط والرقابة على المشاريع الصناعية المعقدة
  • الإفراط في المهام الحرجة على حساب باقي المهام وصعوبات أزمنة التقديم والتأخير من أهم عيوبه

 

 

إدارة المشاريع هي عملية صعبة ودقيقة، وذلك في ظل العديد من الضغوط التي تحيط بها، والتي من أهمها عاملي الوقت والتكلفة المالية، كما أنها تمر بمراحل عديدة تحتاج خلالها الجهات القائمة بالتنفيذ إلى اختيار الأسلوب المناسب الذي يضمن لها استمرار سرعة الأداء وجودته، وخاصة على مدار المراحل المختلفة لهذا التنفيذ، وبما يمكٍنها من إنجاز مثل هذه المشاريع على أكمل وجه. وهناك العديد من أساليب إدارة المشاريع، والتي يبرز من بينها أسلوب المسار الحرج الذي يحتاج في إدارته وتطبيقه إلى حرص عالٍ من هذه الجهات حتى لا تتكبد خسائر هي في غنى عنها. في هذا التقرير نستعرض معكم إدارة المسار الحرج كأحد هذه الأساليب، وإليكم التفاصيل.

صفر من الوقت

يعد المسار الحرج أحد أساليب إدارة المشاريع التي تعتمد على تحديد ورسم شبكة العمل، ويهتم بالانتهاء من المشاريع وإنجازها في الوقت المحدد لها، كما أنه يركز على إمكانية تخفيض مدة الإنجاز مقابل أقل تكلفة ممكنة؛ لذلك فهو يسعى في الأساس لموازنة العلاقة بين الوقت والتكاليف المحددة للمشاريع المختلفة. وحتى نتعرف على مفهوم وأبعاد إدارة "المسار الحرج" بكل بساطة؛ فإننا نعلم جميعاً أن الوقت عامل مهم جداً في إدارة المشاريع وإنجازها، ولذلك فإن هناك مستويين من الوقت للانتهاء من الأنشطة المختلفة التي يتكون منها أي مشروع، وهما: الوقت المبكر للنشاط (بدء-انتهاء)، والوقت المتأخر للنشاط (بدء-انتهاء). فإذا قمنا بحساب الفارق بين كل من: الوقت المتأخر لبدء النشاط والوقت المبكر لبدايته، والوقت المتأخر لانتهاء النشاط والوقت المبكر لبدايته؛ فربما يكون/أو لا يكون هناك وقتاً فائضاً للنشاط/أو الأنشطة المختلفة التي يتكون منها المشروع. وفي ضوء ذلك فإن النشاط/أو الأنشطة التي ليس لديها وقت فائض هي نشاط/أو أنشطة حرجة في وقت إنجازها. فالمسار الحرج لإدارة أي مشروع هو المسار الذي يربط بين الأنشطة التي ليس لديها وقت فائض أو أن الوقت الفائض لها قيمته تساوي الصفر. لذلك فإن أي تأخير في إتمام أو إنجاز هذه الأنشطة الحرجة يؤدي إلى تأخير تنفيذ المشروع الكلي.

فإذا افترضنا أن هناك مسارين لبناء مصنع كبير وهما: المسار الأول يستغرق عامين، والمسار الثاني مدته عام واحد فقط؛ فكما هو واضح فإن المسار الأول هو الأطول ولذلك فهو يسمى بالمسار الحرج لإنجاز ولإتمام بناء المصنع.

"كيلي"و"ووكر"

وفي بحثهن عن إيجاد المسار الحرج الأمثل لشبكة أعمال المشاريع، توضح كل من: سماء طليع، ونعم عبدالمنعم، ولمياء جاسم أن المسار الحرج هو أحد المخططات الشبكية، وهو أطول مسار خلال الشبكة، أو أنه المسار الذي يستغرق أقصى وقت لإنجاز المشروع من حدث البداية إلى حدث النهاية. وقد ظهر هذا الأسلوب في عام 1957م من قبل المهندس J.E. Keely في شركة Emington-Rand والمهندس M.R.Walker في شركة Dupont؛ وذلك لغرض جدولة عمليات التعطل بسبب الصيانة في مصنع المواد الكيميائية. وبدأ استخدام أسلوبي المسار الحرج وبيرت من قبل شركة فورد للسيارات وجنرال موتورز وبل للتليفونات، كما استخدم أسلوب المسار الحرج عام 1973م من قبل القوات المسلحة المصرية في عبور قناة السويس واستخدم لأول مرة في العراق عام 1975م في بناء سد حمرين. والغرض الرئيسي من هذا الأسلوب هو التأكد التام من وقت الإنجاز، أي أنه أسلوب تقديري بعكس أسلوب بيرت. إذ يفترض أسلوب المسار الحرج أن الوقت المتوقع لأداء العمليات المختلفة لإتمام المشروع معروف والعلاقة بين الموارد المستخدمة والوقت المطلوب لأداء العمليات المختلفة معروفة أيضاً.

المشاريع الكبيرة والمعقدة

ويشير د.محمد المغربي في كتابه "بحوث العمليات في المحاسبة" إلى أن أسلوب المسار الحرج هو امتداد للتطورات والتوسعات التي أجريت على أساليب سابقة؛ مثل مخططات "كانت"، وأنه يهدف إلى مراقبة تنفيذ المشاريع، ويتكون من مراحل أو عمليات (فعاليات)، كما أنه يستلزم تحديد هذه العمليات ووضعها تحت رقابة مستمرة؛ لأنها قد تسبب تعطيل إنجاز المشاريع كلها.

ويرى نضال شاهين أن أسلوب إدارة المسار الحرج يستخدم في تخطيط المشاريع الكبيرة والمعقدة؛ مثل بناء المدن، ومصافي النفط، وإنشاء المباني الكبيرة، وتنفيذ المشاريع المشابهة لمشاريع نُفذت في السابق، وتشييد العمارات، والمساكن، والطرق الخارجية، والمدارس، والمستشفيات، والجسور، وبناء السفن وتصليحها، وتطوير أنظمة جديدة للأسلحة الحربية، وصناعة وتجميع كل من: الطائرات، والسفن، والحاسبات الإلكترونية، وكل العمليات الكبرى.

3 مراحل

وعلى جانب آخر، تحدد د.دلال صادق ود.حميد ناصر في كتابهما "بحوث العمليات" مراحل جدولة المشاريع وفقاً لأسلوب المسار الحرج، من خلال 3 مراحل هي:

  • مرحلة التخطيط: وتشمل تحديد الأنشطة التي يتكون منها المشروع والافتراضات التي يجب أن توضع على هذه الأنشطة، وتحديد العلاقات الاعتمادية بين هذه الأنشطة. كذلك تشتمل على تقدير الزمن اللازم لإنجاز كل نشاط من أنشطة المشروع.
  • مرحلة الجدولة: وتنطوي هذه المرحلة على تحديد وقت ابتداء وانتهاء كل نشاط وتحديد المسار الحرج الذي يحتوي على الأنشطة التي تحتاج عناية خاصة؛ لأنها تؤثر على زمن انتهاء المشروع ككل. كذلك تحديد الزمن المرن للأنشطة غير الحرجة التي تقع خارج المسار الحرج.
  • مرحلة الرقابة والسيطرة: وتتضمن إعداد تقرير دوري عن تقدم تنفيذ المشروع، ويشتمل هذا التقرير على ملخص عن التقدم الذي تم إحرازه خلال فترة إعداد التقرير، وتحليل الحالات التي تجابه المشروع والقرارات الإدارية المطلوب اتخاذها حول المصادر والمواقع وغير ذلك.

ويرتبط بهذه المراحل الخاصة بجدولة المشاريع بناء شبكة الأعمال التي-كما تذكر د.دلال صادق ود.حميد ناصر-تبدأ بتجزئة المشروع إلى مجموعة من الأنشطة، ثم يحدد حدثي البداية والنهاية، ثم بعد ذلك يتم تحديد ترتيب الأنشطة الأخرى بحيث توضع الأنشطة بتتابع منطقي مع الأخذ بنظر الاعتبار ملاحظات المخطط البياني.

ويلخص رياض سلطان في كتابه "نظم المعلومات الحاسوبية" السمات الرئيسية لطريقة المسار الحرج في الآتي:

  • إن الهدف الرئيسي لهذه الطريقة هو تزويد الإدارة بأسلوب فني شامل للتخطيط والرقابة على المشاريع الصناعية المعقدة.
  • يسهم معظم العاملين في المنشأة بإجراءات التخطيط والرقابة.
  • إن الأشغال الحرجة هي تلك الأعمال التي تسهم بشكل مباشر في تأخير إنجاز المشروع ككل ما لم تُتخذ الإجراءات العلاجية اللازمة.
  • إن القرارات الإدارية التي توضع لمعالجة التوقفات قد تستدعي إعادة توزيع الموارد أو إعادة تخطيط أجزاء الشبكة.

يتضح مما سبق أنه كلما أصبحت عمليات المشروع أكثر تعقيداً "ازدادت فائدة استخدام طريقة المسار الحرج؛ إذ يتم تحليل المشروع إلى فعاليات منفصلة ومتجزئة يُحدد لكل منها جدول مثالي نسبياً". وعند المباشرة في العمل يمكن تصحيح الانحرافات في الوقت المناسب.

مزايا وعيوب

وتوضح أمل أبو طاحون في كتابها "التخطيط التربوي" أن من بين مزايا أسلوب المسار الحرج ما يلي:

  • التنبؤ بالوقت اللازم لإنهاء المشروع.
  • التمييز بين المهمات الحرجة وغير الحرجة في المشروع؛ وبالتالي تحديد هامش المناورة الممكن بالنسبة لكل مهمة، حيث يمكن نقل بعض الموارد من المهمات غير الحرجة وتركيزها على المهمات الحرجة؛ مما يسهم في خفض زمن المشروع مع ثبات الكلفة.
  • وجود 3 أنواع من الأوقات الفائضة يمكن استخدامها في تحليل الشبكة والوصول إلى الحل الأمثل لها.
  • تفترض وجود علاقة خطية بين الزمن والتكلفة ونستخدمها في مقايضة الزمن بالتكلفة.
  • القدرة على مراقبة أداء المشروع.
  • تُناسب عدداً كبيراً من المشاريع المتنوعة.

وتبرز أبو طاحون أيضاً أن من بين مساوئها ما يلي:

  • قد تؤدي إلى تأكيد مفرط للمهام الحرجة على حساب باقي المهام.
  • تعاني من صعوبات في أزمنة التقديم والتأخير.
 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة