رؤية 2030 بين حلم الماضي وإدارة المستقبل

هل هي مصادفة ان تتساوي رؤية المملكة 2030 التي تم إطلاقها في عام 2016م لمدة أربعة عشر عاما مع رؤية ملك مصر في زمن يوسف عليه السلام في نفس المدة من الأعوام!

(وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ، قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ) يوسف 43-44. فقبل الميلاد رأي ملك مصر هذه الرؤية، وطلب من الملأ تأويلها؛ ولكنهم مع قصور علمهم أخبروه بأنها أضغاث أحلام؛ ولكن مع يقين الملك برؤيته؛ ساق الله يوسف الصديق لتأويلها بسبع سنوات من الخيرات والزرع، يعقبها سبع سنوات من الجفاف وقلة الزرع، ووضع له خطة إستراتيجية لمدة أربعة عشر عاماً؛ للعبور من هذه الكارثة. ونجحت الدولة حينها في اجتياز هذه المحنة؛ نتيجة عاملين أساسيين وهما: الرؤية الصحيحة الصادقة من الملك، ثم التنفيذ من قبل الحفيظ العليم (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) يوسف 55.

حلم الماضي كان إلهاما من المولي جل في علاه للملك؛ فساق له يوسف ليتولى تنفيذ هذه الرؤية، واليوم ونحن في الألفية الثالثة بعد الميلاد تأتي رؤية 2030 للمملكة؛ ولكن مع اختلاف الزمن والكيفية؛ ففي الحالة الأولي كانت مناماً كما تمت سردها في سورة يوسف-في زمن الأنبياء-والرؤية الثانية لم تكن مناماً؛ بل تبلورت من دراسة دقيقة وتحليل علمي عميق للواقع والمستقبل لمعرفة جميع قدرات الدولة: الاقتصادية، والسياسية، والعسكرية، والاجتماعية، والتكنولوجية،..وغيرها. مع الاخذ في الاعتبار التطور التكنولوجي الهائل، والتغيير المتسارع الذي حول العالم من قرية صغيرة – العولمة-إلى شاشة صغيرة ذكية تتحرك ذاتيا (عالم الذكاء الاصطناعي).    إن معظم دول العالم الآن تتصارع فيما بينها لتكون في مقدمة قطار التقدم والنمو؛ للنفوذ إلى مستقبل آمن ومستقر؛ من خلال المشاركة الفاعلة في إدارة المستقبل؛ ولكي يتم ذلك فلابد من وجود رؤية صادقة وواضحة لإحداثيات عام 2030 تماما كما حدث قبل الميلاد في زمن الأنبياء.  مع الأخذ في الاعتبار أن الرؤية الصادقة يلزم لها تنفيذ صحيح، وإيمان حقيقي بها؛ لكي تعبر سفينة المملكة تسونامي التغيير والتحول المعرفي إلى الذكاء الاصطناعي بكل أمان ويسر.

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة