عمالة "الروبوت"..أقل كفاءة من الانسان!

​في أول حدث من نوعه في تاريخ الإنسانية في الأسبوع الماضي، أقدم فندق "Henn na" في اليابان على انهاء خدمات نصف موظفيه من "الروبوتات" البالغ عددهم 240 روبوت؛ لأنهم كانوا مزعجين وغير أكفاء. فقد تسببوا في إبطاء الأمور، وخلقوا مشاكل، وأصابوا أعصاب الضيوف بالتوتر. افتُتح الفندق عام 2015م في جنوب اليابان وصاحبته ضجة كبيرة؛ بسبب توظيف عدد كبير من "الروبوتات" لخدمة ضيوف الفندق.

قال أحد الضيوف أنه تم إيقاظه في منتصف الليل بواسطة "روبوت" في الغرفة طلب منه باستمرار تكرار ما قاله للتو.  كذلك لم يستطيع "روبوت" ثانٍ أن يتفحص هوية الضيوف وفشل في القيام بالمهمة. وآخر لم يستطيع الوصول إلى العديد من غرف الفندق البالغ عددها 100 غرفة وتعطل في الخارج في ظروف غامضة. يذكر أن الفندق مازال يحتفظ بعدد كبير من موظفي "الروبوت" حيث تعتبر اليابان رائدة في استخدام "روبوتات" شخصية مصممة للتفاعل مع البشر؛ من أجل الترفيه والمعلومات وتقديم الخدمات. كذلك يتم استخدامها في دور رعاية المسنين للمساعدة في إعادة التأهيل البدني.

ويستند التقدم الملحوظ في الذكاء الاصطناعي في السنوات الأخيرة بشكل كبير إلى "الشبكات العصبية" التي يتم تشبيهها بشبكات الدماغ.  ولكن علماء المخ والأعصاب لهم رأي مختلف. في 10 يناير 2019م نشرت صحيفة "الفايننشال تايمز" مقالاً مثيراً كتبه جراح أعصاب في المملكة المتحدة سرد فيه مشاكل الذكاء الاصطناعي، وقال: "إن العقول البشرية لا تشبه أجهزة الكمبيوتر"، وأكد على "أن دماغ الإنسان هو الهيكل الأكثر تعقيدًا في الكون. ويتكون من حوالي 85 بليون خلية عصبية، يرتبط كل منها بالآلاف من الخلايا العصبية الأخرى، وكل خلية عصبية هي عبارة عن جهاز يستقبل مدخلات ويقوم بمعالجة البيانات ثم انتاج المخرجات". وأضاف: "لا يمكن تطبيق قوانين الحوسبة على الدماغ البشري؛ لأن الكمبيوتر لن يستطيع محاكاة كل التصرفات التي ينفذها الدماغ، و مقولة أن الدماغ يشبه الكمبيوتر هي مفهوم خاطئ ولكنه شائع بين الناس".

وقامت "قوقل" مؤخرًا بتصميم "روبوت" يستطيع التعرف على الصور الفوتوغرافية للقطط وهذا يتطلب أن يتعرض التطبيق لأشكال متنوعة ومختلفة لآلاف القطط؛ لكي يتدرب عليها، في حين أن الطفل إذا رأى صورة القط مرة واحدة يمكنه التعرف على جميع القطط في المستقبل.

ويقول "جير كابلان" في كتابه "الثروة والعمل في عصر الذكاء الاصطناعي": يجب تسمية هذه "الروبوتات" بالعمالة المصنعة أو المزورة.  وحذر من أن هؤلاء العمال سينتشرون ويحتلون كل مواقع العمل في كل المجالات وتشمل الطب، والمحاماة، والتعليم. وقال: هل يمكننا أن نطلب من ضابط الأمن اعتقال هذا "الروبوت" إذا ارتكب جريمة ما؟ لذا يجب على هذا النوع من العمالة أن يكونوا قادرين على إدراك العواقب الأخلاقية ذات الصلة لأفعالهم، أو بناء تطبيقات تحتوي على مبادئ أخلاقية وتدريب هذه الأنظمة على احترام تلك المبادئ".

إن التقدم في مجال التحول الرقمي كان من المفترض أن يؤدي إلى عمالة "الروبوت" الأكثر ذكاءً وأكثر دقة في العمل وأكثر إنتاجية، ولكن يبدو أن هذه المخاوف مبالغ فيها. وقد أوردت بعض الصحف تقريراً يوضح أنه بالرغم من انخفاض معدلات نمو الإنتاج العالمي، هنالك ارتفاع في معدلات التوظيف في جميع أنحاء العالم، خصوصا في الدول المتقدمة، وهناك انخفاض في معدل البطالة العالمي إلى أدنى مستوى منذ أربعة عقود. ومن الواضح أننا حتى اللحظة لا نرى سيطرة عمالة "الروبوت" (الماكينات الفعالة والأكثر كفاءة).

هذا لا يعني أن "الروبوتات" ليست ذات صلة بهذا التطور التقني الذي يجتاح كل العالم، ويبدو أن هناك أسطورة تم رسمها لمستقبل غير واقعي، حيث إن مقدار العمل الذي يتعين القيام به قد ارتفع أضعافاً من أي وقت مضى وقد ساعدت التكنولوجيا في زيادة الإنتاجية ودقة المنتج وكفاءته، كما اتضح أن التكنولوجيا ليست هي المسؤولة عن زيادة معدلات البطالة العالمية أو زيادة فائض العمالة البشرية، بل ساعدت الإنسان في طريقة وكيفية أداء الاعمال وليس القضاء على العمالة البشرية.

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة