توم بيرنز Tom Burns 1913- 2001

​​"توم بيرنز" عالم اجتماع أيرلندي حصل على درجة الدكتوراه من جامعة "ستانفورد" الأمريكية. قام بالتدريس-كأستاذ زائر-في عدة جامعات في الولايات المتحدة والسويد، وأمضى أكثر من 30 عامًا من البحث والتدريس في جامعة "أدنبره" حتى تقاعده في عام 1981م "بروفيسورًا" في علم الاجتماع. كانت اهتماماته الأولى متركزة في علم الاجتماع الحضري، وعمل مع مجموعة "ويست ميدلاند" في إعادة البناء والتخطيط لما بعد الحرب. وأثناء عمله في "أدنبره" كان اهتمامه الرئيسي هو إجراء دراسات لعدة أنواع من المنظمات وتأثيرها في أنماط الاتصال وفي أنشطة المديرين. ودرس أيضًا علاقة الأشكال المختلفة من المنظمات بالظروف المتغيرة الخاصة بتأثير الابتكارات التقنية. وقد حصل على عدة شهادات تقديرية وشرفية؛ لقاء مساهماته وأنشطته البحثية، والتعليمية، والاستشارية.

مساهماته

درس "بيرنز" – بالتعاون مع عالم النفس "جي إم ستولكر" – محاولة تقديم عمل تطوير الإلكترونيات في المنشآت الأسكتلندية التقليدية، مع نظرة لإدخال هذه الصناعة الحديثة وسريعة التوسع؛ في الوقت الذي كانت تشهد فيه الأسواق نقصًا في منتجاتها. وقادته الصعوبات التي واجهتها هذه المنشآت – المتمثلة في التكيف مع الوضع الجديد الخاص بالتقنيات والأسواق المتغيرة باستمرار – إلى وصف "نوعين مثاليين" في إدارة المنظمة والتي تقع على طرفي سلسلة متصلة يمكن وضع معظم المنظمات فيها.

وتمت تهيئة النوع الميكانيكي مع الأوضاع المستقرة نسبيًا؛ حيث تم فيها تقسيم المشكلات والمهام الخاصة بالإدارة إلى حقول تخصصية يقوم فيها كل فرد بأداء المهمة المحددة الموكلة إليه بدقة. ويوجد تسلسل هرمي وظيفي واضح من الضبط، ومسئولية المعرفة الكلية والتنسيق تقع على وجه الحصر في قمة التسلسل الهرمي. ويتم التركيز على الاتصال الرأسي والتفاعل (كالذي يحدث بين الرؤساء والمرؤوسين)، مع الإصرار على الولاء والامتثال لاهتمامات الرؤساء. وهذا النظام ينسجم بشكل كبير مع بيروقراطية العقلانية-القانونية لـ"فيبر".

وتتم تهيئة نوع المنظمة الانتظامية (تسمى أيضًا عضوية) للأوضاع غير المستقرة؛ عندما تنشأ المشكلات الجديدة وغير المألوفة بشكل مستمر، والتي لا يمكن تقسيمها وتوزيعها بين أدوار الاختصاصيين الموجودة. وتكون هناك بالتالي عملية تعديل وإعادة تعريف مستمرة بمهام الفرد، مع التركيز على الطبيعة الإسهامية لمعرفة الاختصاصي بدلا من التقييدية. وقد تحدث عمليات الاتصالات والتفاعلات وإعطاء المعلومات والنصح؛ بدلاً من الأوامر على أي مستوى حسبما تتطلبه العملية، مولدة درجة عالية جدًا من الالتزام نحو أهداف المنظمة ككل. والنظام الذي لا يوضح الهيكل التنظيمي للشركة، أو الوظائف الحقيقية أو مسئوليات كل فرد قد يرفض استخدامه على نحو واضح؛ لأنه يعرقل العمل الفاعل للمنظمة.

إن الفشل الكامل تقريبًا للمنشآت الأسكتلندية التقليدية في استيعاب البحث في الإلكترونيات وتطوير المهندسين في داخل منظماتهم؛ جعل "بيرنز" يشك فيما إذا كانت المنشأة الميكانيكية تستطيع أن تتغير إلى منشأة انتظامية؛ هذا لأن الأفراد في المنظمة الميكانيكية ليسوا ملتزمين نحو المنظمة ككل فحسب، بل لأنهم أعضاء أيضًا في مجموعة أو قسم يتمتع بهيكلية مهنية مستقرة، ولديهم اهتمامات محلية بالنزاعات مع المجموعات الأخرى. وهكذا فإن الصراعات في القوة تنشأ بين الأقسام الراسخة للسيطرة على الوظائف والموارد الجديدة؛ وهذا يجعل المنظمة تحيد عن التكيف الهادف، ويسمح للهياكل الميكانيكية العتيقة بأن تدوم، والأنظمة (الباثولوجية) أن تنمو.

والأنظمة الباثولوجية هي محاولات من قبل المنظمات الميكانيكية للتكيف مع المشكلات الجديدة للتغيير والإبداع وعدم التأكد، بينما تتمسك هذه الأنظمة بنظامها البيروقراطي الرسمي. وقد وصف "بيرنز" بعض من هذه التفاعلات النموذجية. في التنظيم الميكانيكي يكون الإجراء الطبيعي للتعامل مع مسألة خارج نطاق مسئولية الفرد هو إحالتها إلى الاختصاصي المناسب، أو إذا فشل في ذلك إلى الرئيس. وفي وضع سريع التغيير فإن الحاجة لمثل هذه الاستشارات تحدث بشكل متكرر، وفي كثير من الشواهد يتعين على الرئيس إحالة المسالة إلى من هو أعلى منه. ولذلك فإن مثل هذه القرارات ينتج عنها حمل ثقيل يجد طريقه للرئيس التنفيذي، وسريعًا ما يثبت بشكل جلي أن الكثير من القرارات يمكن أن تُصنع فقط بإحالتها إلى القمة.​

 
 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة