تحديات إدارة المعرفة في المنظمات الحكومية

كلما كان الوصول إلى الإرث المعرفي في المنظمة أكثر سهولة؛ كانت الإدارة أكثر فاعلية وجودة، وقد يختار بعض القادة البدء بالعمل واتخاذ القرارات من نقطة الصفر دون العودة للمعرفة المتراكمة في المنظمة خلال السنوات الماضية، وذلك من خلال المهام، والإجراءات، والعمليات الإدارية والفنية التي تمت فيها، إذا كانت المعرفة السابقة تعاني من الفوضى والعشوائية، وعدم الوضوح والذي يعوق استخدامها والاستفادة منها بالشكل المطلوب.

وبذلك فإن إعادة النظر في إدارة المعرفة داخل المنظمات الحكومية في المملكة العربية السعودية أمر لا بد منه، كما أنه يعد استجابةً لمتطلبات تحقيق رؤية 2030، فالمسئوليات المناطة بهذه المنظمات صارت أكبر وأكثر تشعباً وتعقيداً، وارتباطها الوثيق حالياً مع المجتمع سواء من خلال حسابات التواصل الاجتماعي أو قنوات التواصل التي تتطلب تسهيل وصول المستفيد للمعلومة التي يحتاجها من هذه المنظمة، يزيد من حجم هذه المسئوليات ومخاطرها، وحاجتها الماسة إلى أن تكون أكثر مهنية واحترافية في إدارة معرفتها واستخدامها بالشكل الصحيح؛ لتقليل نسبة الخطأ ورفع جودة العمل.

وإدارة المعرفة قبل كل شيء تتطلب التعامل الصحيح مع تحدياتها ومعيقاتها، والتي يأتي على رأسها عدم تبني القادة هذا المفهوم وإهمال إدراجه ضمن الثقافة التنظيمية للمنظمة، ومن التحديات أيضاً وجود فجوة بين القرار الصادر من الإدارات العليا والتنفيذ؛ بسبب ضبابية آلية التطبيق للإدارات التنفيذية، أو عدم منح المرونة الكافية لها في التطبيق؛  مما يسبب تشتتاً لدى موظفي هذه الإدارات، والذي يمنع من تكوين المعرفة بشكل صحيح، كذلك قد تواجه المنظمة ومع تبنيها مفهوم إدارة المعرفة مقاومة التغيير من قبل الموظفين واحجامهم عن المشاركة في تكوين معرفة خاصة بالمنظمة؛ لعدم وجود التوعية الكافية بأهمية ذلك، يضاف إلى ما سبق ضعف الانتماء للمنظمة؛ مما يجعل الموظف غير مبالٍ بالمشاركة في إنتاج، وتخزين المعرفة، وإدارتها، وكذلك عدم وجود حوافز للموظف المشارك في تكوين المعرفة ولا يخفى على أحد ربط العديد من الباحثين في هذا المجال بين إدارة المعرفة وضرورة وجود نظام للحوافز داخل المنظمة، أيضاً من التحديات التي تواجه إدارة المعرفة والقائمين عليها الحاجة لتقنية المعلومات، والتي تؤسس قواعد للمعرفة كبنية تحتية للإسهام في عمليات إدارة المعرفة (توليد، وتخزين، وتوزيع واستخدام)، وكذلك ضعف تأهيل وتدريب الموظفين على استخدامها في حال وجودها.

إن التعامل مع هذه التحديات بالشكل الملائم سيسهم في تفعيل إدارة المعرفة داخل المنظمات الحكومية، وتحصيل منافع متنوعة جراء ذلك، منها تحقيق جودة الخدمة المقدمة، وخلق بيئة عمل داعمة للإبداع والابتكار التقني والتنظيمي.​

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة