الموديل الديناميكى لبناء إستراتيجية المنظمات

​فى ضوء رؤية المملكة 2030 وما يصاحبها من تحديد أهداف إستراتيجية، ظهرت أهمية قيام المنظمات بإعداد الإستراتيجيات الخاصة بها (لتحقيق التوازن بين عناصر المنظمة الأربعة المتعلقة بالنواحي المالية والعميل والعمليات والعاملين)؛ لتحقيق الأهداف الإستراتيجية على مستوى المملكة. هناك سيناريوهات مختلفة للإسترايجيات التى قد تتبعها المنظمة، إلا أن المنظمات بحاجة إلى أداة تساعدهم على تحديد أفضل السيناريوهات والتي تمكٍنهم من الوصول لأهدافهم الإستراتيجية المتوافقة مع تلك المرتبطة برؤية المملكة. الموديل الديناميكى للإستراتيجية هو أحد الأدوات الداعمة لتحقيق التنمية الإدارية بالمملكة.

وهذا الموديل هو الموديل المعدل لبطاقة الأداء المتوازن والتى تحتوي على أربعة مناظير هم: المنظور المالى (يحتوي على المقاييس المالية مثل الربحية)، ومنظور العميل (يحتوي على مقاييس العملاء مثل رضاء العملاء)، ومنظور العمليات (يحتوي على مقاييس العمليات مثل عدد الوحدات المنتجة والجودة)، ومنظور الموارد البشرية (يحتوي على مقاييس الموارد البشرية مثل رضاء العاملين والتسرب الوظيفي). وبطاقة الأداء المتوازن هى الأداة الأكثر انتشاراً في إعداد إستراتيجيات المنظمات، إلا أنه اثناء تطبيقها تم التوصل إلى بعض المشكلات والتى تتمثل فى: تجاهل التأثير الديناميكى فيما بين العناصر المختلفة المكونة للاستراتيجية، وتجاهل عنصر الوقت واعتبار أن كل عناصر الإستراتيجية تؤثر على بعضها فى نفس الوقت، وأيضا تساوى الأوزان النسبية لجميع عناصر الإستراتيجية. كذلك فإن بطاقة الأداء المتوازن هى مجرد تعبير استاتيكى للعلاقة الافتراضية بين جميع عناصر الإستراتيجية فى​​ المناظير الأربعة سالفة الذكر. ومن ناحية أخرى تفترض بطاقة الأداء المتوازن أن منظور الموارد البشرية هو الذي يحسٍن منظور العمليات والذي يحسٍن منظور العميل والذي بدوره يحسٍن المنظور المالي. وهذا يعنى أن التأثير في اتجاه واحد فقط، على سبيل المثال هناك تجاهل لأن التحسن فى منظور العميل؛ قد يؤدى إلى زيادة الطلب على المنتجات والذي يؤدى بدوره إلى تحسين منظور العمليات.

يضاف إلى ما سبق أن بطاقة الأداء تفترض أن التحسن في منظور العمليات؛ يؤدى فى نفس الوقت إلى التحسن فى منظور العميل بمعنى ان الطلب من العملاء سيزيد في نفس الوقت الذي يحدث فيه تحسن في منظور العمليات (مثلاً الجودة). علما بأنه من الطبيعي أن يكون هناك وقت حتى يدرك العملاء التحسن في الجودة قبل أن يتم زيادة الطلب. وأخيراً تفترض بطاقة الأداء المتوازن تساوى القيم النسبية؛ عند تحديد العلاقة بين جميع عناصر الإستراتيجية، عن طريق مثلاً تجاهلها أن الزيادة فى جودة المنتجات تؤدى إلى زيادة فى الطلب طول الوقت.

لذلك كله فالموديل الديناميكى للاستراتيجية يوفر إمكانية تحويل الصورة الاستاتيكية لبطاقة الأداء المتوازن إلى الحالة الديناميكية. وهو ما يتم من خلال تحديد جميع عناصر الإستراتيجية، وتحديد قيمهم الحالية، وكذا تحديد عنصر الوقت والأوزان المعيارية المختلفة لكل عنصر، ثم إدخال كل هذه البيانات على أحد برامج الـ"سوفت وير" المتخصصة فى هذا الشأن. ويتم بعد ذلك تشغيل البرنامج والذي يوفر النتائج المحتملة فى المستقبل للإستراتيجية الحالية. بعد ذلك يتم تحديد سيناريوهات مختلفة للإستراتيجيات المحتملة، ثم مقارنة نتائجها المحتملة فى المستقبل؛ للوصول إلى أفضل سيناريو. بناءً على ما سبق سيساعد الموديل الديناميكى للإستراتيجية مديرى الجهات على بناء سيناريوهات مختلفة للإستراتيجية، والوصول إلى نتائجها المتوقعة بالمستقبل بما يساعدهم على تحديد أفضل سيناريو للإستراتيجية.

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة