عضو مجلس الشورى د.عبيد العبدلي لـ "التنمية الإدارية": القطاع الحكومي مُطَالَب بتبني مفاهيم التسويق وخدمة العملاء بما يتماشى مع رؤية 2030م
  • الشباب السعودي تفوق على الوافدين وسحب البساط من تحت أقدامهم بفضل "السوشيال ميديا"
  • المنافسة الشديدة ووعي المستهلكين ونشاط جمعيات حماية المستهلك دفع الشركات لتعزيز خدمة العملاء 
  • مركز التواصل الحكومي يوحّد الجهود التسويقية ويبرز منجزات الأجهزة الحكومية

التسويق هو روح المؤسسات المختلفة، ويحظى بأهمية عصرية كبيرة؛ فهو حلقة الوصل بين هذه المؤسسات وعملائها؛ ولذلك نستضيف في هذا العدد من "التنمية الإدارية" واحداً من أبرز خبراء التسويق العرب، إنه د.عبيد بن سعد العبدلي عضو مجلس الشورى، والذي عمل مستشاراً للعديد من الجهات الحكومية والخاصة، وعضواً في مجالس إدارة العديد من الشركات السعودية، صدر له 15 كتاباً في التسويق، وقدم العديد من البحوث العليمة المحكمة، وشارك في العديد من المؤتمرات المحلية والعالمية.

كما تقلّد د.العبدلي العديد من المناصب العلمية الرفيعة؛ فقد عمل وكيلاً لعمادة شؤن الطلاب بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وأستاذاً بجامعة الأمير سلطان، ومستشاراً لأمانة منطقة الرياض لمؤشر الأسعار، ومديراً لجامعة دار العلوم بالرياض. التقيناه للحديث عن التسويق وفنونه في القطاعين الحكومي، والخاص؛ بما له من خبرة واسعة وكبيرة في هذا الشأن، وحاورناه فجاءت ردوده عميقة ومبسطة، وإليكم تفاصيل اللقاء.

  • لم يعد التسويق حكراً على القطاع الخاص؛ بل امتد ليشمل القطاع الحكومي؛ بغرض أداء أعماله بحرفية بعيداً عن بيروقراطيته المعهودة، ما هي رؤيتك لتفعيل التسويق في المؤسسات الحكومية؟

هذا سؤال جيد، فنحن نرى حراكاً كبيراً في الفترة الأخيرة في القطاع الحكومي، وتوجهاً لتبني مفهوم التسويق الصحيح داخل هذا القطاع؛ وهذا يدل على أن هناك رغبة في تطوير خدمات المؤسسات الحكومية وتقديم خدمة متميزة ترضي عملاء الجهاز الحكومي، فالقطاع الحكومي بدأ ينافس القطاع الخاص فيما يتعلق بالتسويق وتقديم خدمات أفضل تواءم تطلعات المستفيدين من هذه الخدمات، ولدينا أمثلة كثيرة جداً على ذلك.

ويمكن القول بأن إيمان القائمين على التسويق بالقطاع الحكومي بأهمية وضرورة التسويق؛ أدى إلى إنشاء مراكز اتصال تسويقي ومراكز أبحاث تسويقية، وهذا توجه محمود ويتواكب مع رؤية 2030م.

تطور الحكومية

  • كيف ترى "مركز التواصل الحكومي" ودوره في تسويق أنشطة الحكومة على مختلف الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية؟

رائع أن ينشأ مركز للتواصل الحكومي، وهذا ما كان يطالب به أغلبية المتخصصين في هذا المجال؛ فإنشاء هذا المركز يسهم في توحيد كل الجهود والرسائل التسويقية للمستفيدين، من خلال مركز واحد، وهذا المركز دوره أكبر من مجرد إرسال رسائل للمستفيدين؛ بل توحيد كافة الجهود التسويقية وإبراز كافة منجزات الأجهزة الحكومية. فالخطاب الحكومي لابد أن يتغير مع تغير وعي المواطنين، ومع رؤية المملكة 2030م، وكل وزارة وإدارة حكومية لديها مسئوليات لابد عليها أن تتواصل جيداً مع المستفيدين من هذه الخدمات، وأعتقد أن هذا المركز سيقوم بدور كبير وناجح إذا ما أحسن إدارته واستثماره.

  • التكنولوجيا الحديثة أتاحت للمسوقين العديد من الأدوات الرقمية والتفاعلية، هل ترى أن المؤسسات السعودية وظفت هذه الأدوات بفاعلية؟

بخصوص وسائل التواصل الاجتماعي، أو وسائل التواصل الجمعي كما أسميها، فإنها غيرت كثيراً في مفاهيم مؤسساتنا وأجهزتنا الحكومية، فصوت المواطن أصبح أكثر سماعاً، وأصبح المواطن أو المستفيد من الخدمات يستطيع أن يتواصل مباشرة مع الجهات المختلفة بشكل سهل وسريع، كما أصبح الرئيس الأعلى في أي مؤسسة يستطيع بسهولة أن يعرف ما يقال عنها، من خلال "السوشيال ميديا"، ومؤسساتنا استفادت من وسائل التواصل الاجتماعي كثيراً، كما أنها استطاعت أن تطور من آلياتها في هذا المجال بالاستفادة من الخدمات التفاعلية لوسائل التواصل الاجتماعي.

منافسة شديدة

  • هل نعد محقين إذا قلنا إن هناك فجوة ملحوظة بين المؤسسات السعودية والأجنبية العاملة في السوق السعودي في توظيف مهارات التسويق لخدمة العملاء؟

إن أية شركة تريد أن تنجح في السوق السعودي، أو في أي سوق آخر وأن تنافس بقوة؛ يجب عليها أن تهتم بخدمة العملاء، والوسائل كثيرة في هذا الشأن، فعليها أن تعرف الكثير عن رضا المستفيدين وأن تستمع لهم وتتواصل معهم وتحل مشاكلهم، وعلى المؤسسات أن تدرك أن خدمة العملاء ليست مجرد أن يكون لدى العميل أو المستفيد مشكلة مع المؤسسة وأن يتواصل معهم بشأنها، فخدمة العملاء أعم وأشمل من هذا بكثير.

وأرى أن أغلبية مؤسساتنا السعودية بدأت تهتم بخدمة عملاءها؛ لأن المنافسة شديدة، ووعي المستهلكين كبير، كما نشطت بقوة المطالبات بحماية حقوق المستهلكين، والشركات الأجنبية العامة في السوق السعودي متطورة؛ أما الشركات المحلية فهي في الطريق لذلك وهي تحاول إرضاء عملاءها؛ حتى يظلوا على علاقة قوية بهم وبمنتجاتهم ولا يذهبوا للمنافسين.  

  • مجال التسويق والدعاية من المجالات التي تغلب عليها العمالة الوافدة، كيف تفسر لنا ذلك؟

إن قطاع الدعاية والإعلان من القطاعات المهمة لاقتصاد البلد، ويفترض في مؤسساته أن توظف عدداً أكبر من السعوديين والسعوديات؛ ولكن طبيعة سوق الدعاية والإعلان مختلفة؛ فهو مجال به الكثير من الجهود الإقناعية والتسويقية، وبعض شبابنا لا يحبذون العمل في مثل هذه القطاعات؛ وهذا ما جعل كثيراً من الإخوة الوافدين يعملون في تلك القطاعات. ولكن هذا المجال الوظيفي واسع جداً وكبير، وإذا استطعنا أن نطوره مهنياً بطريقة محترفة؛ سيكون قطاعاً جاذباً للسعوديين والسعوديات وخصوصاً من فئة الشباب.

إقبال كبير

  • التقنية أصبحت هي البيئة الحاضنة لمهنة التسويق، هل ترى أن هناك بنية تحتية مناسبة ومؤهلة لذلك في المملكة؟

التقنية تلعب دوراً كبيراً في حياتنا الشخصية والعملية؛ فقد ساعدتنا كثيراً في السعودية، وأبرز مثال على ذلك أن الشباب السعودي عندما توجهوا إلى "السوشيال ميديا" وإعلاناتها والتسويق الرقمي تفوقوا على الجاليات الأجنبية العاملة في السوق السعودي وسحبوا البساط من تحت أقدامهم، فالإعلان التقليدي في الصحافة وإعلانات الشوارع والميادين تتجه الآن إلى التراجع أمام التقنية الجديدة. والتقنية الحديثة في السوق السعودي متطورة وستتطور أكثر خلال الفترة المقبلة، وهناك إقبال كبير من شبابنا وبناتنا على العمل في المجالات التقنية. 

  • الشراء عبر الإنترنت أصبح سمة العصر، وهو من الظواهر المنتشرة في السوق السعودي، ما أهم العوائد الاقتصادية له على كافة القطاعات في المملكة؟

الشراء عبر الإنترنت أصبح واقعاً ملموساً في السوق السعودي، صحيح أننا واجهنا مشكلات في هذا الشأن ارتبطت باللوجستيات والتوصيلات والدفع المالي؛ لكن هذه المشكلات تم حلها إلى حد كبير، وأعتقد أنه بعد 20 عاماً من الآن ستختفي المحلات التقليدية وتقدم كل الخدمات عن طريق التقنية. ففي الهند على سبيل المثال، بدلاً من بيع البيتزا عن طريق المحلات التقليدية في الشوارع والميادين والتي تواجه مشاكل غلاء العقار؛ فإنه عن طريق تأجير شقة في أحد البنايات أمكن عمل مطاعم وتوزيع البيتزا لأي مكان عن طريق التطبيقات الذكية.

وقد انتشرت التطبيقات الذكية في السوق السعودي بشكل كبير في مجالات تجارية عديدة مثل خدمات السيارات والمطاعم، وأصبح كل شيء متاح للمستهلك من منزله، وهذا تطور كبير جداً في قنوات ووسائل التوزيع؛ فبعد أن كانت وسائل تقليدية أصبحت وسائل تقنية متطورة.

أعرف منافسيك

  • يتوجه الشباب السعودي في الفترة الأخيرة لعالم المشاريع الصغيرة والمتوسطة مستعيناً بالبيئة الرقمية الحالية، ما نصيحتك لكل رائد أعمال لتمتين علاقته بعملاءه؟  

نصيحتي لكل رائد أعمال: أعرف سوقك، وأعرف منافسيك؛ فالمعرفة كنز وعلم كبير جداً، فإذا عرفت سوقك ومنافسيك أكثر استطعت أن تقدم لعملائك أفضل ما لديك، ودائماً تسلّح بالمعرفة.



 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة