التكنولوجيا الحديثة..تطوير لأداء القطاع العام وبناء مجتمع المعلومات
  • برامج معالجة العمليات وميكنة الأعمال المكتبية والسيطرة على المخزون أهم فوائدها
  • إدارة الجودة الشاملة من خلال جمع البيانات عن طريق الأجهزة والبرمجيات
  • اتخاذ القرار باستخدام برامج دعم القرار وتحسين إدارة المعرفة والمعلومات

 

​أسهمت التكنولوجيا الحديثة وتقنيات المعلومات والتحول الرقمي في تطوير، وتسهيل والإسراع بالتنمية الإدارية في الأجهزة الحكومية؛ فقد قدمت العديد من الفوائد على مختلف المستويات وفي كل الوظائف والأدوار التي تمارسها الإدارة الحديثة. في هذا التقرير نتعرف على إسهامات التقنية في دعم التنمية الإدارية.

البيانات الضخمة

نستهل التقرير بتأكيد د.جعفر أحمد العلوان أستاذ إدارة الأعمال المشارك بمعهد الإدارة العامة على أن استخدام البيانات الضخمة يُعتبر إبداع تكنولوجي يساعد المنظمة على القيام بأمور لم تكن مُمكنة سابقاً بما في ذلك توليد المعارف الإبداعية من البيانات-مثلاً-يمكن لاستخدام البيانات الضخمة أن يساعد في تطوير أداء القطاع العام بشكل جذري؛ من خلال تقليل التكاليف، وتحسين الجودة، وزيادة مستوى الشفافية وتحسين الفاعلية، وزيادة مستوى المشاركة في الشؤون العامة، ومكافحة الغش والجرائم، وتطوير خدمات التعليم والصحة، والتغلب على التحديات الوطنية كالإرهاب والبطالة.

ويضيف د.العلوان: تواجه البيانات الضخمة العديد من التحديات؛ حيث إن الاستفادة من تطبيقات البيانات الضخمة يتطلب جهداً كبيراً ووقتاً طويلاً، واستثمارات مالية كبيرة من أجل إحداث التغييرات في المنظمة، وبالإضافة إلى ذلك فإن الزيادة المُطّرِدة في حجم البيانات وما يقابل ذلك من تطور بطيء في آليات معالجة البيانات يتجاوز القدرات اللازمة لتحليلها، وهو ما يُعتبر من أبرز تحديات البيانات الضخمة؛ حيث يؤدي ذلك إلى تكوين ما يعرف بالنقطة العمياء، وهي المرحلة التي لا يمكن لمتخذ القرار فيها تمييز البيانات المهمة من البيانات غير المهمة. لكن هذه التحديات تظهر بشكل أكبر في القطاع العام؛ بسبب ثقافة العمل في الكثير من الأجهزة الحكومية والقائمة على العزلة وعدم مشاركة البيانات. فكثير من الأجهزة الحكومية تعاني من التردد الكبير في مشاركة المعلومات مع الجهات الأخرى، وتعمل في عزلة عن بعضها البعض؛ نظراً لاعتماد كل جهاز حكومي على أنظمته الإلكترونية الخاصة والتي تحفظ البيانات معزولة عن الأنظمة الأخرى.

من جانبه، يؤكد باسم محمد الحميري، في كتابه المهم بعنوان: "التنمية الإدارية الأدوات والمعوقات" على أن الارتقاء بالعملية التخطيطية يحتاج إلى دعم الإدارة العليا وتفهمها هذه العملية إلى جانب توافر العديد من المتطلبات الأخرى وأهمها وجود قاعدة بيانات يجري إعدادها وتبويبها وتحليلها من قبل وحدات إدارية. وهو ما يشير إلى المصطلح الذي أصبح سائداً في الفترة الراهنة في الكثير من العلوم وهو البيانات الضخمة، والتي نتجت عن التطور الكبير للتكنولوجيا الحديثة وظهور تقنيات ويب 2.

ميزة تنافسية

ويقول د.عزيز طارش الدهمي في بحث بعنوان: "تأثير تكنولوجيا المعلومات على الأساليب الإدارية": لقد أسهمت تكنولوجيا المعلومات في التأثير على المنظمات المستخدمة لها بالمقارنة مع المنظمات الأخرى، فقد أدت إلى زيادة الإنتاجية من حيث زيادة المخرجات وتقليل التكاليف في المنظمات؛ وذلك من خلال استخدامها برامج معالجة العمليات وميكنة الأعمال المكتبية والسيطرة على المخزون وتخطيط ومراقبة الإنتاج وتقليل المدة الزمنية اللازمة لإنجاز المهام والعمليات، وعملت على تحسين إدارة الجودة الشاملة من خلال استخدام الأجهزة والبرمجيات التي تسهم في تحسين عملية جمع البيانات وتلخيصها وتحليلها وإصدار التقارير اللازمة في ضوئها، وكذلك تحسين عملية اتخاذ القرارات باستخدام برامج دعم واتخاذ القرارات وتحسين إدارة المعرفة والمعلومات باستخدام الأجهزة والبرمجيات التي تسهل عملية جمع ومعالجة وتخزين واسترجاع كميات كبيرة من المعلومات والبيانات كما تعمل على تطوير معارف فنية وتسويقية ومالية وتكنولوجية تستخدم في خلق الميزة التنافسية. وتطوير عملية الخلق والإبداع والابتكار التنظيمية، من خلال استخدام المعارف المتاحة في المجالات المختلفة، حيث أسهمت العمليات الذكية في تسهيل عملية تطوير السلع والخدمات والعمليات وطرق الإنتاج والتوزيع.

ويضيف د.الدهمي: كما تعمل التكنولوجيا على تسهيل عملية إدارة التغيير في المنظمات، من خلال الأدوات التكنولوجية؛ مما أدى إلى تحسين أداء المنظمة وزيادة كفاءتها وفعاليتها في تحقيقها لأهدافه، والعمل على تطوير سلع وخدمات مميزة وجديدة من خلال بناء القواعد المعرفية والبرامج الخبيرة، وتطوير الهيكل التنظيمي للمنظمة وإزالة الحدود والفواصل بين الوحدات والمستويات الإدارية المختلفة، وزيادة التنسيق والتعاون بين المنظمة وفروعها في تنفيذ الأعمال، كما تعمل تكنولوجيا المعلومات على تطوير الأساليب الإدارية في المنظمة بما يتماشى مع إستراتيجيات الإدارة الحديثة في التغيير والقيادة.

الأداء الوظيفي

وعن العلاقة بين استخدام تكنولوجيا المعلومات والأداء الوظيفي للعاملين، يقول د.عزيز طارش الدهمي: تلعب تكنولوجيا المعلومات بتطبيقاتها المختلفة دوراً حيوياً مهماً في تحسين إنتاجية المنظمات الإدارية، سواءً العامة منها أو الخاصة؛ ولذا نجد بأن هناك جدلاً محتداً بين الوحدات الإدارية للوقوف على كيفية استخدام هذه التكنولوجيا بذلك الشكل الذي يحقق الأهداف المنشودة، حيث إن هذه التطورات الهائلة فيها قد أسهمت في خلق فرص غير مسبوقة في مجالات عدة، كرفع مستوى الأداء الوظيفي، وتحسين القرارات الإدارية، وتسهيل وتبسيط الإجراءات، والاستخدام الأمثل للقوى العاملة، هذا فضلاً عن إسهامها الكبير في الأنظمة المالية. ويضيف د.الدهمي: ويمكن لنا أن نؤسس للعلاقة القائمة ما بين استخدام تكنولوجيا المعلومات والأداء الوظيفي على النحو التالي:

أولاً: على مستوى المنظمة:

  • زيادة قدرة المنظمة على الدخول إلى أسواق جديدة والوصول إلى عدد كبير من العملاء في الأسواق المحلية والخارجية، وذلك باستخدام الأساليب الترويجية المناسبة.
  •  زيادة فعالية المنظمة في تحقيق أهدافها طويلة الأجل، وذلك من خلال تحسين عمليات التعلم ونقل المعرفة واستخدام شبكات الأعمال المحلية والعالمية وزيادة فعالية عملية الاتصالات الإدارية داخل المنظمة وخارجها وتحسين التنسيق والتحالف بين مختلف المستويات والوحدات الإدارية لإنجاز أهداف المنظمة.
  • زيادة كفاءة المنظمة في استغلال مواردها المختلفة لتوليد المخرجات المطلوبة بأقل كلفة ممكنة، وذلك من خلال أتمتة عملياتها وأنشطتها؛ مما يسهم في تحسين نوعية المنتجات وتقليل التباين والتفاوت في مستوى أداء هذه السلع والخدمات.
  • زيادة قدرة النظم الإدارية على التكيف السريع مع التغيرات البيئية، وذلك من خلال توفير وسائل اقتصادية وفعالة لتخزين واسترجاع ومعالجة البيانات وتقديمها لمتخذي القرارات في الوقت المناسب؛ مما انعكس على الأداء العام والقدرة على التكيف السريع والاستجابة للمتغيرات البيئية المختلفة.
  • ساعدت هذه التكنولوجيا على إيجاد قنوات اتصالات جديدة، سواءً على مستوى المنظمة أو على المستوى الاقتصادي العام؛ مما أسهم في زيادة سرعة تدفق ومعالجة وتبادل المعلومات وتطوير أساليب إدارية حديثة كالاجتماعات والتفاوض وعقد الصفقات عن بعد.

ثانياً: على مستوى الأفراد:

  •  تسهم في زيادة السرعة في إنجاز الوظائف.
  • تقليل التكاليف اللازمة لأداء العمل.
  • تحسين وزيادة جودة ونوعية مخرجات العمل.
  • زيادة الكفاءة والفعالية من خلال التنسيق بين الأعمال المطلوبة بالطريقة الصحيحة والقضاء على الازدواجية في أداء العمل.
  • التركيز على الفرق المدارة ذاتياً كأساس لأداء العمل.
  • إعادة توزيع الأعمال تنظيمياً ومكانياً، حيث يمكن إنجاز الكثير من العمل الإداري دون الحاجة للحضور الى مكان العمل.
  • جعل ساعات العمل أكثر مرونة وزيادة تأهيل العاملين.
  • أسهمت في تقليل الأعباء الوظيفية الروتينية الملقاة على عاتق المدراء مما يتيح لهم استغلال هذا الوقت في التخطيط الإستراتيجي ورسم السياسات العامة للمنظمة؛ ما أسهم في رفع كفاءة وفعالية الإدارة العليا.

إدارة المعرفة

ويشير د.محمد نمر على أحمد أستاذ ورئيس قسم إدارة الأعمال بكلية التجارة بجامعة سوهاج في بحث بعنوان: "المفاهيم الادارية الحديثة وأثرها على مهارات مدير المستقبل" إلى العديد من المفاهيم والقضايا التي أثارتها التكنولوجيا الحديثة في مجالات التنمية الإدارية، وأهمها:

إدارة المعرفةيمكن اعتبار إدارة المعرفة أنها مختلف الأنشطة المنظمة والمخططة والموجهة للحصول على المعرفة، عن طريق الإنتاج أو اقتنائها جاهزة من مصادر خارجية ثم الاستفادة منها، ومن هذا فإدارة المعرفة تتضمن مجموعة من الأنشطة، وهي البحث عن مصادر المعرفة، والحصول عليها أو تنمية القدرات والمهارات المعرفية ودفعها لإنتاج المعرفة، ثم استعمالها في العمليات الإنتاجية والاستفادة القصوى منها، كما يجب أن تكون هذه الأنشطة مخططة ومنظمة، وفق إستراتيجيات وخطط، تهدف إلى تدعيم الأنشطة الأساسية للمنظمة، ويمكن اعتبار المعرفة أنها مجموعة المعلومات والأفكار ومختلف المنتجات الفكرية والذهنية التي تعبر عن حقائق أو علاقات أو نماذج، سواء كانت علنية ظاهرة قابلة للتداول والتقليد، أو كانت ضمنية تظهر في شكل تصرفات وسلوكيات الأفراد، حيث تكون نتيجة لتفكير ذهني أو ممارسات وتجارب ميدانية أو مزيج بينهما. بحيث تكون قابلة للاستخدام لأغراض علمية أو تكنولوجية، وتتمثل عناصرها في المعلومات والعلم والتقنية والهندسة والخبرة البشرية، أما المعرفة التنظيمية فهي تتمثل في كل أشكال المعرفة التي تتعامل بها المنظمة والتي تنتج من تفاعل عناصرها وحركتهم الذاتية في مباشرتهم للأعمال المكلفين بها وفي تعاملهم مع عناصر البيئة المحيطة بالمنظمة. 

الإدارة الإلكترونيةيقترن ظهور مفهوم الإدارة الإلكترونية بالانتشار الواسع والاستخدام الكثيف لتكنولوجيا المعلومات والاتصال في العمل الإداري؛ فقد اكتسحت هذه التكنولوجيا كافة الأعمال الإدارية من التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة، كما شملت مختلف المستويات الإدارية العليا والوسطى والدنيا، فما من عمل إداري إلا ويعتمد على أحد التقنيات الإلكترونية العالية كالحاسب الآلي ووسائل الاتصال الإلكترونية، فالإدارة الإلكترونية مفهوم يشير إلى ذلك الاعتماد الرئيسي والمحوري على التقنيات الإلكترونية في إنجاز وإتمام المهام والأعمال الإدارية؛ بما يساهم في زيادة فعالية وجودة الأداء وسرعة المعالجة والاتصال والنقل السريع والكثيف للمعلومات والمعارف. فهي التوظيف الفعال لتكنولوجيا المعلومات والاتصال، حيث تطبق تلك التقنيات في المجالات التالية: الاتصال الإداري، واتخاذ القرارات الإدارية، وإنجاز وظائف الإدارة الأربعة، ونظم المعلومات الإدارية، والتنمية الإدارية وتنمية الموارد البشرية، والتصميم والهندسة. فاستخدام التقنيات الإلكترونية في العمل الإداري واسع جدا إلى درجة أنه يكاد يشمل كل الأعمال والمهام الإدارية. ولازال تقدم وانتشار هذه التقنيات في العمل الإداري يرتفع بتقدم وتطور تلك التقنيات.

تكنولوجيا الأداء البشري: تركز في العصر الحالي منظمات الأعمال على موردها البشري باعتباره أساس امتلاك قدرات تنافسية، فهي توليه أهمية كبيرة بدءاً من عمليات البحث واستقطاب العناصر الفعالة والكفاءة إلى التنمية والتطوير والتشجيع والتحفيز على تحسين الأداء إلى المكافأة والمتابعة، وبذلك فهي بحاجة إلى تقنيات وأساليب تمكنها من تقييم وقياس أداء هذا المورد وتطويره وتحسينه، وتحديد الاحتياجات من هذه العناصر، من خلال تحديد فجوة الأداء وتحديد مخزون المهارات والمطلوب منها وكيفية سد هذه الفجوة.

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة