البيانات الضخمة في القطاع العام: الفرص والتحديات

​البيانات هي اللبنة الأساسية للبناء المعرفي في المنظمات. وتزامناً مع ازدياد حجم البيانات بشكل متسارع في عصرنا الحالي؛ ظهر ما يعرف باسم البيانات الضخمة (Big Data) والتي تشمل بيانات تقليدية، وبيانات شبه هيكلية، وبيانات غير هيكلية، يتم جمعها من صفحات الويب، والبريد الإلكتروني، ووسائل التواصل الاجتماعي، وغيرها من المصادر. وتتجه المنظمات في القطاعين العام، والخاص للاستفادة من هذه البيانات المُطّرِدة النمو والتي تتصف بالحجم الكبير، والتنوع الهائل، والسرعة المتزايدة في التوالد.

ووفقاً لبعض الدراسات؛ فإن الاستغلال الأمثل للبيانات الضخمة يمكن أن يحقق نمواً كبيراً في الاقتصاد العالمي؛ من خلال تحسين الإنتاجية والتنافسية؛ لذا تتجه منظمات القطاع العام للاستفادة من البيانات الضخمة لخدمة المواطنين ودعم رفاهيتهم. فكل شخص في المجتمع يُولِد بيانات كبيرة في القطاعات الخدمية العامة؛ مما يؤدي إلى ضخامة بيانات القطاع العام.

ويُعتبر استخدام البيانات الضخمة ابداع تكنولوجي يساعد المنظمة على القيام بأمور لم تكن مُمكنة سابقاً بما في ذلك توليد المعارف الإبداعية من البيانات. مثلاً يمكن لاستخدام البيانات الضخمة أن يساعد في تطوير أداء القطاع العام بشكل جذري؛ من خلال تقليل التكاليف، وتحسين الجودة، وزيادة مستوى الشفافية وتحسين الفاعلية، وزيادة مستوى المشاركة في الشؤون العامة، ومكافحة الغش والجرائم، وتطوير خدمات التعليم والصحة، والتغلب على التحديات الوطنية كالإرهاب والبطالة.

من جهة أخرى، تواجه البيانات الضخمة العديد من التحديات؛ فالاستفادة من تطبيقات البيانات الضخمة يتطلب جهداً كبيراً ووقتاً طويلاً، واستثمارات مالية كبيرة؛ من أجل احداث التغييرات في المنظمة. وبالإضافة إلى ذلك فإن الزيادة المُطّرِدة في حجم البيانات وما يقابل ذلك من تطور بطيء في آليات معالجة البيانات يتجاوز القدرات اللازمة لتحليلها، يُعتبر من أبرز تحديات البيانات الضخمة؛ حيث يؤدي ذلك إلى تكوين ما يعرف بالنقطة العمياء، وهي المرحلة التي لا يمكن لمتخذ القرار فيها من تمييز البيانات المهمة من البيانات غير المهمة. لكن هذه التحديات تظهر بشكل أكبر في القطاع العام؛ بسبب ثقافة العمل في الكثير من الأجهزة الحكومية والقائمة على العزلة وعدم مشاركة البيانات. فكثير من الأجهزة الحكومية تعاني من التردد الكبير في مشاركة المعلومات مع الجهات الأخرى، وتعمل في عزلة عن بعضها البعض؛ نظراً لاعتماد كل جهاز حكومي على أنظمته الإلكترونية الخاصة والتي تحفظ البيانات معزولة عن الأنظمة الأخرى.​

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة