الآثار الاقتصادية لضريبة القيمة المضافة

ليست المملكة العربية السعودية وحدها بدعاً بين الدول التي قامت بتطبيق ضريبة القيمة المضافة؛ إذ أن العوامل والدواعي عبارة عن موجة اجتاحت العديد من الدول في الآونة الأخيرة.  وهذه النوعية من الضرائب تُطبق في أكثر من ١٦٠ دولة حول العالم، واكتفت المملكة بفرض نسبة 5% فقط، وهي الأقل بين العديد من الدول وضريبة القيمة المضافة هي ضريبة غير مباشرة تفرض على كل مرحلة من مراحل سلسلة الإمداد، ابتداءً من الإنتاج، ومروراً بالتوزيع، وحتى مرحلة البيع النهائي للسلعة أو الخدمة. ويوضح الشكل رقم (2) كيفية حسابها في كل مرحلة.

والضرائب في حد ذاتها ليست غاية، وإنما هي وسيلة تسعى الدولة لتحقيق مجموعة من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، أضف إلى ذلك أن الهدف من الضرائب لم يقتصر على الحصول على أكبر حصيلة مالية ممكنة فحسب؛ بل يمتد إلى تشجيع عمليات التنمية الاقتـصادية والاجتماعيـة وتحقيـق التـوازن المستهدف للاقتصاد الوطني.

بَيْدَ أَنَّ تصميم سياسة ضريبية مثلى يجب أن يأخذ في الاعتبار تحقيق الاستقرار الاقتصادي، واستيعاب الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي سوف تعمل في إطارها تلك السياسة؛ وذلك لأن الضرائب تؤثر على العديد من المؤشرات الاقتصادية الكلية كالاستهلاك، والادخار، والاستثمار، والنمو الاقتصادي.

 فالاستهلاك يتوقف على عاملين هما: حجم الدخل، والميل إلى الاستهلاك، والنظرية الاقتصادية تنص على أنه: "كلما زاد الدخل قلت نسبة المنفق منه على الاستهلاك"، أي أن الأفراد الأقل دخلا ينفقون على الاستهلاك نسبة أكبر مقارنة بذوي الدخول المرتفعة، لذلك يقع عبء ضريبة القيمة المضافة على منخفضي الدخول؛ وعليه قامت الدولة بإنشاء حساب المواطن؛ لتخفيف حدة الآثار السلبية على منخفضي الدخول. أما الادخار فهو ذلك الجزء الذي لم يستهلك من الدخل، وهذا يعني أن العوامل التي تحدد الاستهلاك هي التي تحدد الادخار. وبمعنى آخر فإن الضرائب على الدخل تؤثر على الادخار.

​وتكمن آلية عمل الضرائب في فترات التضخم في امتصاص حجم النقد الزائد؛ وذلك بزيادة نسبتها، أما في فترات الكساد فتخفيض نسبة الضرائب يحفز الطلب الكلي؛ وبالتالي زيادة القوة الشرائية للأفراد، والذي بدوره يؤدي إلى زيادة الاستهلاك، وتنشيط عملية الانتاج. وعليه توجد علاقة وثيقة بين الضرائب والاستهلاك والادخار ومن ثم الاستثمار والنمو الاقت​

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة