الخبير "تيموثي كوندون" : الشباب السعودي هو القوة الأكبر في سوق العمل واقتصاد البيانات ليس "النفط الجديد"

​               أرحب بالمشاركة الأكبر للمرأة في سوق العمل والتي أصبحت الآن سياسة رسمية في السعودية

               المملكة تمثل العالم الإسلامي في مجموعة العشرين وتتميز بالناتج القومي الكبير

               الخصخصة مهمة لاقتصاد المملكة وتساعد على الاستخدام الأفضل للموارد

 

تعد الخصخصة وتوطين الصناعات الكبرى من أهم السبل لتطوير النمو الاقتصادي وفتح فرص عمل جديدة أمام الشباب، خاصة أن الشباب يعد القوة الأكبر في سوق العمل في المملكة. وللحديث عن هذا الشأن تستضيف مجلة "التنمية الإدارية" الخبير الاقتصادي "تيموثي جورج كوندون"، وهو أستاذ جامعي بجامعة "باكنغهام" سابقاً، وقد درس "كوندون" كل من الاقتصاد والتاريخ والجغرافيا، وتولى رئاسة معهد الأبحاث المالية الدولي في جامعة "باكنغهام"، كما أن "كوندون" هو مؤسس ومدير مركز أبحاث "لومبارد ستريت" في الفترة من عام 1989 إلى عام 2001م، وإليكم تفاصيل الحوار.

 

 ما الدور الذي يمكن أن تلعبه الخصخصة في دعم التنمية الاقتصادية في المملكة العربية السعودية؟

انطلقت "الخصخصة" في بريطانيا في أوائل الثمانينيات، وكانت خصخصة شركة الاتصالات البريطانية في عام 1984م أول تطور مهم. لقد أعطت خصخصة الاتصالات لبريطانيا دور قيادي مبكر في توفير خدمات الهاتف التنافسية لعملائها، وتبعتها قصص نجاح عالمية رائعة؛ مثل إنشاء ونمو شركة "فودافون". وقد حدثت تغييرات كبيرة في قطاعات أخرى، بما في ذلك صناعات الحديد والفحم ومرافق الطاقة، وصاحبتها تحسينات كبيرة في كفاءة الأداء والاستخدام الأفضل للموارد.

ومن وجهة نظري، تعتبر الخصخصة أمراً حيوياً للاستخدام الفعال للموارد؛ لأنها تجعل الإدارة خاضعة للمساءلة أمام المساهمين والمالكين، كما تعطي الخصخصة حوافز للإداريين والمساهمين على حد سواء للعمل بجد واتخاذ قرارات صائبة وتحقيق عائدات عالية.

وبالنسبة للخصخصة في المملكة العربية السعودية؛ فإنها تبدو حاسمة في مجالات الطاقة والمرافق ذات الصلة؛ مثل الكهرباء والغاز وإمدادات المياه؛ لأن هذه المرافق تعد الموارد الرئيسية-على سبيل المثال-للصناعات المنتجة للبتروكيماويات والأسمدة، حيث تعتبر السعودية بالفعل منتج عالمي، وقد تصبح الخصخصة أكثر أهمية في العقود المقبلة. حيث إن الاتحاد الأوروبي يعاقب هذه الصناعات من خلال إصدار تشريعات تتعلق بتغير المناخ وما شابه ذلك، وهو ما قد ينقل الإنتاج إلى مكان آخر، بما في ذلك دول الخليج.

عائد ديموغرافي

 من بين أهداف رؤية 2030 توطين العديد من الصناعات وتوفير فرص عمل للشباب السعودي، كيف ترى ذلك؟

عندما زرت المملكة العربية السعودية آخر مرة قبل 15 عاماً، أتذكر أني قرأت في أحد المجلات السعودية أن أعداداً كبيرة من الشباب كانوا على وشك الانضمام إلى قوة العمل. لقد كان هذا مصدر قلق كبير في ذلك الوقت، فهل يمكنهم العثور على وظائف؟ غير أنه قد حدثت الكثير من التحولات في البنية العمرية للسكان في المملكة، ولا يمكن مقارنة الواقع الحالي بالمستقبل خلال العشرين أو الثلاثين سنة القادمة.

في الواقع، من حسن الحظ أن المملكة العربية السعودية -في النصف الأول من القرن الحادي والعشرين-سيكون لديها نسبة كبيرة من الأشخاص في سن العمل إلى مجموع سكانها، مقارنة-على سبيل المثال-بأوروبا واليابان. وهذا ما يسميه الاقتصاديون "عائدًا ديموغرافيًا".

وهناك قضيتان رئيسيتان في هذا الإطار هما: نسبة النساء اللواتي يدخلن قوة العمل، والتوازن بين قوى العمل الوافدة والوطنية. وليس لي كأجنبي أن أقول ما هو صواب أو ما هو خطأ في هذه القضية، لكني أرحب بالمشاركة الأكبر للمرأة في سوق العمل التي أصبحت الآن سياسة رسمية في المملكة العربية السعودية.

طاقة شمسية

   ما أهم المشاريع الاقتصادية المستحدثة التي يجب التركيز عليها عند وضع الخطط الاقتصادية المستقبلية للمملكة؟

اعتقد أن تحلية المياه بالطاقة الشمسية ربما-في النهاية-قد تصبح تكنولوجيا مجدية وقابلة للتطبيق. ويحتوي البحر الأحمر والخليج على كميات وافرة من المياه لأغراض الزراعة. ومن ثم سيكون التنظيم المناسب لحقوق الملكية والهياكل التحفيزية لهذه المناطق ذات القيمة العالية المحتملة أمراً مهماً بالنسبة للسلطات السعودية. واعتقد أن الحكومة السعودية قد أعلنت عن خطط لمشاريع الطاقة الشمسية.

مجموعة العشرين

  اتخذت المملكة مؤخراً العديد من الإجراءات على صعيد تنويع النشاط الاقتصادي وعدم الاعتماد على النفط وحده، برأيك ما أهمية ذلك في إطار السعي لتحقيق أعلى معدلات النمو الاقتصادي؟

المملكة العربية السعودية هي إحدى دول مجموعة العشرين، وهي تمثل العالم الإسلامي في المجموعة، ولديها معدلات كبيرة من الناتج القومي. مع العلم أن إندونيسيا وتركيا هما دولتان إسلاميتان في مجموعة العشرين. وإندونيسيا لديها ناتج قومي كبير أيضاً. ولكن يُنتظر من المملكة العربية السعودية أن تزيد ناتجها القومي بنفس معدلات الدول الأجنبية في مجموعة العشرين.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه للنقاش هو: هل النمو الاقتصادي هو أهم المؤشرات الاقتصادية؟ البعض يقول إن الأهم هو جودة الحياة، والبعض الآخر يرى أن الوفرة الاقتصادية هي الأهم، ولكي أكون واضحاً فإن مصادر النمو الاقتصادي هي كثيرة ومتنوعة.

إن الدرس الرئيسي للتاريخ الاقتصادي والخبرة الاقتصادية هو أنه عندما نتحدث عن النمو الاقتصادي يمكننا القول إن الضرائب المنخفضة والقوانين واللوائح المرنة هما أمران إيجابيان للنمو الاقتصادي. فمن يستطع التغاضي عن التقدم المذهل في مستويات الرخاء على مدى الخمسين سنة الماضية، أي جيلين فقط-على سبيل المثال-في هونغ كونغ وسنغافورة.

ونحن نرى التقدم نفسه في الشرق الأوسط، ففي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وغيرهما من منتجي النفط توجد عوائد نفطية كبيرة، وقد حققت دولة الإمارات العربية المتحدة بعض الإنجازات التي تحققت في سنغافورة وهونغ كونغ والخاصة بالأنشطة الاقتصادية المتنوعة.

وتوجد العديد من القضايا المهمة في هذا الشأن مثل: التجارة الحرة، وحرية الحركة لرأس المال، واحترام حقوق الملكية الفكرية، والضرائب المنخفضة، والقوانين واللوائح المرنة.

تكنولوجيا المعلومات

 يتردد في الآونة الأخيرة من جانب العديد من المحللين الاقتصاديين والمصادر الاقتصادية مصطلح اقتصاد البيانات ويعتبرونه بمثابة "النفط الجديد"، ما رأيك في ذلك؟

اعتقد أن اقتصاد البيانات مجال اقتصادي جذاب، لكن يمكنني القول إن قطاع الحواسب وتكنولوجيا المعلومات لا يمكن أن نقول عنه على الإطلاق أنه النفط الجديد.

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة