سمو أمير الرياض..فطنة القائد وشعور المسؤول

​خلال زيارته لإحدى الإدارات الحكومية استغرب صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض خلو هذه الإدارة من موظفيها!! ووجه سؤالاً للمسؤول: أين موظفوكم؟..يهمنا البشر وليس الحجر. هذا ما يجوز..أنا أعيش بينهم.

هذه الكلمات المعبرة، وذات الدلالات العميقة تعكس الحس العالي للقائد، وشعوره بأهمية وجود الموظف في مكتبه خلال ساعات الدوام. وكذلك حرص المسؤول على التواجد بين مسؤوليه وشعوره بالفخر بهم.

لقد قدم سمو أمير الرياض من خلال هذا الموقف العفوي درساً بليغاً في علم الإدارة، وفي مفهوم القيادة. ولو أن كل مسؤول كبيراً-كان أم صغيراً-عمل وفق هذا المبدأ الذي انطلق منه سمو أمير الرياض لأصبح لدينا جهاز إداري يُضرب به المثل في الالتزام والاتقان والانجاز.

لقد كان استياء سمو أمير منطقة الرياض واضحاً ولم يستطع أن يخفيه، لعدم رضاه عما شاهده من خلو المكاتب من موظفيها. وهذا الاستياء جاء معبراً عما يجول في خواطر كثير من مراجعي هذه الدائرة وغيرها. ممن تتعطل مصالحهم وتتأخر معاملاتهم بسبب تلك الممارسات والسلوكيات الوظيفية السلبية.

إن التسيب حالة مرضية تصيب الجسد الإداري فتنهكه، وتضرب مفاصله، فتجعله مشلولاً، غير قادر على الوفاء بالتزاماته أو القيام بمهامه؛ فيحدث التأخير في الانجاز الذي يعطل مصالح الناس، مما يصيبهم بالتذمر والاستياء الذي يصل أحياناً كثيرة إلى حد الغضب. وفضلاً عن أن الانجاز وخدمة العميل واجب على الموظف، ومطلب إداري ملح، فإنه أيضاً مما أكدت عليه رؤية المملكة 2030، من خلال هدف تحقيق التميز في الأداء الحكومي، ورفع جودة الخدمات الحكومية، وهذه مستهدفات لا يمكن أن تتحقق بوجود أجهزة حكومية تعاني من تسيب بين موظفيها. ولا تجد مسؤولاً يضع لها حداً ويعالج أسبابها ويقضي عليها. فرؤية المملكة 2030 أكدت على تحسين أداء الجهات الحكومية، وتحسين إنتاجية الموظف، والارتقاء بجودة الخدمات المقدمة للمواطنين، وكذلك دعم قنوات التواصل مع المواطنين، وضرورة تجاوب الجهات الحكومية مع ملاحظات عملائها. ومستهدفات الرؤية هذه لا يمكن تأجيلها أو تعطيلها، فهي متحققة بإذن الله، ومن لا يستطيع التماهي معها ومسايرتها فلن يجد لنفسه موقعاً أو مقعداً في قطار الرؤية المنطلق بقوة نحو المستقبل.

أتمنى أن يكون شعور المسؤولية الذي لمسه الجميع من سمو أمير منطقة الرياض خلال زيارته لذلك المرفق الحكومي بمثابة الداء الذي تنتقل عدواه لكل مسؤول حكومي. ويشعر به كل من وضُعت فيه الثقة وأُسندت إليه مهام الإشراف والقيادة في أي جهاز حكومي. فلن نستطيع تقويم وتصحيح مسار الموظفين وتطوير أدائهم، إلا بوجود قيادات مسؤولة وواعية تكون هي القدوة أولاً في التزامها وانضباطها وانتاجيتها.

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة